الضهب.. في أرض الذهب
المحتار يفتش خشم البقرة.. والأرضة جربت الحجر.. والفقران بجرب كل شي.. يحفر الواطا عشان يمكن يقع فوق حاجة تنقذه من الفقر.
يقولون (فلان يضرب الحجر ويمرق منو قروش).. الشباب الحالمون بالغنى والثراء يتراكضون إلى قبقبة وما حولها بحثا عن الذهب.
قصة قديمة: رجل مفتون بالذهب يسأل الله أن يستجيب لدعائه بأن يلمس كل شيء فيتحول إلى ذهب.. استجاب الله له.. ولكن عندما لمس ابنته الوحيدة.. تحولت إلى تمثال من ذهب فصارت النعمة نقمة ووبالا عليه.. فكل ما كسبه من ذهب لم يستطع أن يعيد إليه ابنته.
التعدين العشوائي عن الذهب أنقذ الكثيرين من براثن الفقر وتقدموا إلى مصاف وصفوف الاثرياء.. أطلقت الحكومة يد كل باحث مغامر في فيافي السودان وخصوصا ولاية نهر النيل.. فجاءوها من كل حدب وصوب يحملون أحلام الأصفر الرنان لتهون الأهوال والمخاطر.. على الأكتاف معاول الحفر وما بين الجوانح وداخل العقول ثقافات متباينة.. وفي مواقف المواصلات إلى مناطق الذهب ينادي أصحاب البكاسي عليهم: “الداير الغِنا.. يركب هنا”.. وعند الأوبة من أرض الميعاد أرض الذهب يصيح نفس أصحاب البكاسي: “أهلك.. قبال تهلك”.. وما بين الغِنى والهلاك ضربة مِعوّل.
نعم، هو الهلاك.. وأخبار وحوادث.. مغامري الذهب تتناقلها الركبان ويتسامر بها السمار وتنشرها أدوات النشر.
مجتمع كله من الذكور المغامرين.. كل في نفسه أن يصبح ثري.. من حق كل إنسان أن يبحث عن الثراء، ولكن:
فوضى التعدين أدت إلى فوضى الأخلاق.. ومعاول الحفر تعمل في الأرض ومعاول الانحراف تحفر في العقول.
أصبحت مناطق التعدين سوقا رائجة للمخدرات بكل ألوانها وأصنافها وسوقا رائجة لتجارة السلاح وأرضا خصبة للشذوذ الجنسي.. وفي غياب الدولة الأمني وقعت حوادث قتل منها ما أميط اللثام عنه ومنها ما طمر في كهوف ومغارات التنقيب ربما تم الكشف عنه بعد حين وربما ذهب مع ذهاب حمى الذهب وشذرات من حالات النصب والاحتيال والسرقات… اعتداءات على الشرطة هنا وهناك، وربما إرهابها.
وللقدر المتربص بالمغامرين نصيب، عشرات القتلي ودفنهم في كهوف ومغارات التعدين، عشرات القتلى في حوادث سير من وإلى أرض الذهب..
وأخيرا وليس آخرا، اعتداء بعض منحرفي “الدهابة” على قرى آمنة ترقد على ضفة النيل وهي مطمئنة.
وحادثة أبو حمد تدق ناقوس الخطر.. فوجب الحذر، فتيات في داخلية مدرسة أبو حمد الثانوية.. مطمئنات إلى حراسة عادات وتقاليد اهل المنطة.. في ليلة ليلاء.. يقفز من السور أحد الوافدين الدهابة.. ويثير الرعب والخوف.. انبرت له “عزة” مدافعة عن نفسها وعن رفيقاتها تحاول الامساك به، يستل سكينه.. ويسدد لها طعنات.. نقلت عزة إلى مستشفى عطبرة والذي يبعد عن ابوحمد بحوالي مائتي كيلو متر.
أتمنى من كل قلبي لـ”عزة” عاجل الشفاء، مقروناً بأمنيات الشفاء لحكومة ولاية نهر النيل!.
[/JUSTIFY]الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي