أبشر الماحي الصائم

سمحة المهلة!


[JUSTIFY]
سمحة المهلة!

ليس بمقدور أي دولة في المنطقة أن تدعي منافستها الدولة المصرية في أدب العراقة والقدم، على أن الشعب المصري يرقد على قرون بأكملها من التاريخ الباهظ ومستودعات هائلة من الإرث التليد.

*غير أن الأمة السودانية على حداثة عهدها وتجربتها بأدب الدولة ومفهوم الأمة، بإمكان أجيالها الحالية أن تدعي أنها الأعرق في فنون الممارسة السياسية الحزبية التعددية وصناعة الثورات والانتفاضات.

لم تعرف الدولة المصرية الحديثة الطريق إلى صناديق الانتخابات إلا عقب ثورة 25 يناير لما نزلت جموع الأمة المصرية ست مرات لممارسة ديمقراطية الصناديق في لحظة تاريخية مشهودة غير مسبوقة في التاريخ المصري.

*لكن هذه التجربة الناصعة لم تعمر أكثر من عام، فافتعلت (الدولة المصرية العميقة) (ثورة ثانية)، قالت إنها قد جبت ما قبلها من ثورات، ليعود العسكر مرة ثانية على متن هذه (الثورة الاصطناعية)، وهذه المرة كانوا أكثر شراهة وإفراطاً في استخدام القوة، ثم سيق الذين اتقوا ربهم إلى السجن زمراً ولا ذنب لهم سوى أن انتخبهم الشعب.

*إلى نهاية تراجيديا تلك القصة التي أصبحت ممجوجة ومملة ومحفوظة، غير أن الجديد في الأمر، والذي ينم عن عدم دراية بعواقب ردته، هو ذهاب (حكومة الانقلاب) في المزيد من أدبيات حشر الطرف الإسلامي الآخر في الزاوية.

*فبعد أن زُجَّ بكل رموز الصف الأول والثاني والفاعلين في جماعة الإخوان في السجون، ومن ثم تم إلغاء (الجماعة) نهائياً وحظر أنشتطتها ومصادرة أجهزتها ودورها وأموالها وتغييبها عن المشهد المصري برمته.

*ثم جاء الدور هذه الأيام على (حزب الحرية والعدالة)، آخر ما بقي من آليات الإسلاميين، يساق الحزب الآن إلى مشانق التاريخ بجريرة أنه (ذو توجه ديني) وتديره جماعة دينية تخضع لحكم المرشد إلى آخر تلك المسوغات التي لا تضع حتى من يرددها فضلاً على كل ذي عقل ورشد مبين.

*والذين يقرأون التاريخ يدركون سر تحول كل الجماعات الإسلامية المسالمة إلى (جماعات وحشية) تكفر وتقتل وتفجر، وذلك بعد أن تكفر (بصناديق الانتخابات) وتؤمن في المقابل (بصندوق الزخيرة)، على أن السيف أصدق أنباء من الكتب في حد الحد بين الجد والهزل.

*فنحن في كثير من الأحوال الذين نصنع (الجماعت التكفيرية) عندما لم نتح لها سبل المشاركة السلمية، ونسد في طريقها كل الأبواب المشروعة، فلا تجد منفذاً ساعتئذ، إلا أن تخرج علينا من الشبابيك الضيقة أو أن تحطم جدران الوطن فوق رؤوسنا.

*دعك من جماعة الإخوان المسلمين التي تحتاج إلى بعض الوقت ربما لتحول وتغير إستراتيجيتها، فعلى الأقل هناك (الجماعة الإسلامية) التي هي حديثة عهد بهذه الممارسة الديمقراطية لطالما ضربت الدولة المصرية في عقر سياحتها ومواردها بتفجيرات تلك الجماعة المروعة خلال عقود بأكملها.

*فبرغم قلة حيلتنا وقصر عمر دولتنا السودانية، فإننا نرقد على ممارسة سياسية جهيرة على الأقل تؤهلنا إلى إسداء النصح لإخواننا المصريين بأن يفتحوا منافذ المشاركة أمام الإسلاميين على أن انسداد الطرق والأفق خطير العواقب.

*مخرج.. والشيء بالشيء يذكر قيل إن أخاً سلفياً ظل يلاحق جاره في صف الصلاة، فسأله متبرماً بعد الصلاة، فقال الرجل حتى لا نتيح فرجة للشيطان فرد عليه (انتو الشيطان لو داير يصلي ما حاتخلوه)! الواقعة مع فارق التوجه..

*فلو أن الجماعات الإسلامية بكل مدارسها ارتضت الديمقراطية وتداول السلطة سلمياً لأوصدوا أمامها الأبواب.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي