يا ناكر هوانا!
#أقسى ما يمكن أن تكابده من هوان وعجز ذلك الإحساس المقيت الذي يجتاحك حينما يقسو عليك الحبيب متهماً إياك بالخيانة أو التقصير، بينما لا تملك أنت الدفوعات اللازمة لتبرئة نفسك أو تدفع عنك هذه التهمة الموجعة سوى رهانك الخاسر حينها على معرفته الأكيدة بك وعهده الطويل بحبك، والذي تتبدى ملامح الإخلاص والوله في كل لحظة من لحظاته بينكما.
كيف لي إذن أن أؤكد لك من جديد أنني لا أقتني ظلاً ولا شمساً سواك؟.. كيف أمنحك الضمانات اللازمة على أنك رجلي وصديقي وملاذي؟ كيف أسوق الدلائل على كوني ممتلئة بك وسعيدة معك، ولا أرى في كل الرجال أفضل وأنبل منك؟ كيف أقنعك بحبي واحترامي وأجدد ثقتك فيني وأنزع فتيل الأزمة المتفاقمة، بيننا دون أي خسائر قد نندم عليها لاحقاً؟!
# ثم ما الذي يدفعك قسراً لسوء الظن بمشاعري وسلوكي، وأنت تعلم أنك تسيطر على كل مداخل ومخارج حياتي وتبسط سلطاتك على تفاصيلي وأبعادي؟ ألا تعلم أنك مصدر إلهامي وروح أيامي وسيد ولعي وهيامى؟ ألا تعلم أنني ألمحك في كل الأغاني وأبذل لك المعاني وأرى فيك غاية الأماني؟.. ألا تعلم أن أقداري كانت سخية حين صالحتني بك وابتسمت في وجهي أخيراً- بمقدمك الميمون ودخولك الصاخب إلى حياتي؟.. نعم.. كان دخولك صاخباً وعاصفاً، بدد الغيوم ووضح المواقف وأعاد ترتيب الأشياء، ونسف ضعفي وتقاعسي ونفض غبار الأحزان عن رتابة الأيام وأيقظ كل الأحلام وأعاد لوجداني الأمن والسلام.
فكيف بربك تساور نفسك على إنكار الحقيقة المجردة وتعمي عيونك عما تلمحه كل صباح من محبة واهتمام لا تخطئهما العين إلا من عمى، وأنت الرجل الناضج صاحب التجربة الحياتية الكبيرة؟ والذي لن يغيب أبداً على حدسه انفعالي الدائم بحركاته وسكناته وتعلقي العظيم به؟!
# إن الحب ياسيدي- لم يكن يوماً روايةً شرقيةً بختامها يتزوج الأبطال فحسب.. لذلك هو لا يحتمل أبداً مخططات البعض العقيمة لجعل المحبوب يسقط في شرك الارتباط الأزلي.. فالأصل فيه أنه عطاء صامت وغير محدود.. نتلذذ بعذابه وحرمانه وإخلاصنا فيه.. ولا نجعل له شروطاً ولا نتائج.. بهذا نضمن صدقنا ونؤمن تماماً بإنسانيتنا.. ولهذا أقول دائماً إن الإخلاص ليس بنداً وارداً في وثيقة الزواج.. ولا هو قانون يلزمنا به المأذون.. ولكن الوفاء الحقيقي هو ذلك الذي ندركه نحن أولاً قبل أن يدركه الآخر.. لأنه يعنينا على وجه الخصوص وعلى ضوئه يمكننا أن نحدد مدى صدقنا ونزاهتنا ونبل مشاعرنا تجاه أحدهم.
# إذن.. تجدني مخلصة لك لأن ذلك من دواعي سروري واحترامي لذاتي وصدقي تجاه مشاعري.. لا أخلص لك خوفاً منك ولا عليك.. ولا لأن الواجب يلزمني بذلك.. ولا لأنني أو أن يرى من حولي ذلك الإخلاص.. ولا لأنه كلمة أنيقة تضاف طوعاً لقاموس المحبين من باب العرف العاطفي.
فإن كنت بعد كل هذا تشك في وفائي ومحبتى.. فهذا وربي شأنك.. فلست معنية بتغيير قناعاتك.. ولكني معنية بالبقاء على ما أنا عليه حتى تدرك وحدك مقدار حبي وإخلاصي.
إندياح – صحيفة اليوم التالي