داليا الياس

داليا الياس تكتب شركات القوات وتمويل المهام والأفراد – الفشقة نموذجاً


اندياح/ داليا الياس

حينما نشبت المناوشات الأخيرة على الحدود الشرقية وتصاعد الأمر فى منطقة ( الفشقة) حتى وجدت القوات المسلحة نفسهاً وجهاً لوجه أمام تغول المليشيات الأثيوبية.. ولم يكن أمامها سوى التعامل مع الأمر على إعتباره حرباً لإسترداد الأرض وحماية العرض بشكل جاد وسريع مثلما تابعنا جميعاً الأحداث كحقيقة مجردة لاتنكرها العين إلا من رمد السذاجة واللاوطنية.
قفز إلى رأسى وعلى عجل السؤال المنطقى الكبير : ماذا لو لم يكن جيشنا المجيد يمتلك حق التطوير والتصرف الذاتى وكان لزاماً عليه أن ينتظر إجراءات وزارة المالية المتلكئة لإعداد نفسه وتعزيز قواته فى مواجهة هذه الحرب المباغتة؟!!

وكيف يتثن لعاقلٍ ما أن ينادى بنزع إستثمارات القوات النظامية وتجريدها من مدخلاتها الإنتاجية لمجرد دواعٍ إنتقامية تفتقر للموضوعية والضمير مثل الأحاديث الممجوجة التى تدور منذ فترة عن نزع شركات الجيش والأمن ؟!!

وهل تملك جهة ما القدرة على إدارة الشؤون الداخلية لقوات تاريخية تتمتع بقدرٍ عالٍ من الحنكة ونظامٍ إدارى ومالى منضبط ودقيق يعمل منذ عشرات السنوات بتطور مطرد؟ مثلما تدير القوات النظامية شركاتها الشيء الذي جعل منها أعمال ناجحة وقادرة على تمويل مهامها وشؤون أفرادها مقابل شركات أخرى عامة كانت ولا زالت عنواناً للفشل؟!!

إنى لأعجب كمواطنة وإنسانة لتلك الأصوات المزعجة التى تصرخ فى وجه مؤسسات بعينها مطالبةً بتفكيكها والنيل منها لمجرد التنكيل ودون أن تكلف نفسها عناء إستجلاء الحقائق والوقوف على الأدوار المجتمعية الكبيرة التى ظلت تلعبها لصالح البلاد والعباد!

ترى هل توقف أحدكم لحظة ليواجه نفسه بكل تجرد وحياد بمآلات تحجيم جهاز المخابرات العامة والحد من دوره الوطنى والأمنى والإقتصادى؟!!..

هل لاحظتم حجم التفلتات الأمنية والتجاوزات الأخلاقية والإختراقات الخارجية التى تنهش فى جسد الأمة؟!!

هل تعلمون أن تراجع دور الأمن قد فتح الباب على مصرعيه للعملاء والجواسيس ليسرحوا ويمرحوا فى بلادنا بكل ثقة وبرود ويعيثوا فى أرضنا فساداً دون رادع؟!!

هل تذكرون هيئة العمليات التى تم حلها دون روية بعتادها ورجالها المختارين بعناية فائقة والذين كانوا سيكونون نعم الداعم والنصير لقواتنا المسلحة كلما وأينما دقت نواقيس الخطر؟!!

هل لاحظتم العبث والصفاقة والإستلاب الفكرى والفت فى عضد الدين والأخلاق الذى تمارسه بعض مراكز ومجمعات التثاقف التى تبث سمومها فى عقول ووجدان أبنائنا بعد أن أمنت من رقابة الأمن الثقافى؟!!

ثم هل لكم علم بأدوار المسؤولية المجتمعية الكبيرة والإعانات والمبادرات الخدمية والإنسانية والصحية التى كان يقوم بها الجهاز فى كل بقاع السودان؟!!

إننى أذكر جيداً ذلك اليوم الذى حلقت فيه تلك الهيليكوبتر ونحن بداخلها على مقاعد بلاستيكية متواضعة فوق سماء (شطايا) تلك القرية الوادعة التى عانت من ويلات الحرب وإلتهمت النيران أهلها فى واحده من أكبر قضايا الإبادة الجماعية التى ذهبت بالمخلوع (عمر البشير) إلى رحاب الجنائية.

حينها… قمت فى معية عدد مقدر من الزملاء بزيارة القرية بعد مدة من الواقعة فوجدناها خاوية على عروشها… يسكنها البؤس… وتضوع من جنباتها رائحة الموت… ولكننا سرعان مالاحظنا أن هناك بعض ملامح لإعمار جديد ومحاولات حثيثة لإعادة توطين الناجين من أهلها والشروع فى تأسيس مراكز للخدمات وتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة هنا وهناك…. وبالسؤال والتقصى علمنا أنها مجهودات جهاز الأمن والمخابرات الذى دلونا على مبانيه الأنيقة فوجدناها تقف شامخة فى قلب تلك البقعة البعيدة النائية بشكل مدهش ورجاله يقاتلون من أجل إعادة العمران والحياة!!!

فمن كان سيلعب ذلك الدور المذدوج سواهم؟!
هم العالمون ببواطن الأمور… الذين تتوفر لديهم المعلومات الحقيقية والإحصائيات الدقيقة… ولديهم بالمقابل مايلزم من عقول مفكرة وقدرات خلاقة وإمكانيات كبيرة؟!!

هكذا كانت دورة عمل الجهاز أسوة بكل الأجهزة المخابراتية والأمنية والجيوش فى عموم العالم….!! جميعها تمتلك الحق فى الإستثمار وإنشاء مشاريع إقتصادية وشركات تدر عليها عوائد مالية تساهم فى تطوير عملها وتحسين بيئتها وحل مشاكلها الداخلية والإسهام الفاعل فى مد يد العون لجميع الفئات… ولا يعيبها أبداً أنها تمتلك إستثمارات ناجحة بينما يرزح القطاع العام تحت وطأة السلبية والتهاون وإنعدام الإستراتيجيات والهمة والقدرة على الخلق والمثابرة!!

كل هذا… ثم تتهادى الوثيقة الدستورية لينظر مشرعوها لربع الكوب الفارغ ويحاولون الصعود على أكتاف مؤسسات القوات النظامية وتشويه صورتها الذهنية وإغفال إيجابياتها على حساب سلبيات كان بالإمكان معالحتها بشكل محدد ومباشر دون النيل من عموم المؤسسة فى وقت يحتاج فيه السودان وأهله لتضافر الجهود والتحالف ودفع عجلة الإنتاح والإنجاز وتلاحم الجميع.

ولكنه للأسف الشديد التخبط وإنعدام الخبرة وتراجع الحس الوطنى والجهل ببواطن الأمور من الذين كانوا لايرون البلاد إلا على شاشات التلفزة ولا يعلمون عنها أكثر مما يرضى طموحاتهم الشخصية المدفوعة بالغبن!!

تلويح :

العالم يبنى أمجاده…. ونحن نمعن فى نسفها!!

صحيفة السوداني


‫5 تعليقات

  1. هذا عنوان مقال ..ولا أطروحة لنيل درجة الماجستير في (تكسير التلج ) أنت سقطتي سقوط شنيع الله يكون في عونك.

  2. كتبت داليا الياس :
    (الأحاديث الممجوجة التى تدور منذ فترة عن نزع شركات الجيش والأمن)

    دي ما أحاديث ممجوجة بل أحاديث صائبة ومهمة جدا
    كيف يكون للجيش والأمن شركات تقوم بشراء المحاصيل الزراعية وتصديرها وتمارس كثير من الانشطة الاقتصادية والعائد لا يصب في خزينة الدولة ولا يستغل في تطوير الجيش والامن ولا ولاية لوزارة المالية على هذه الشركات !؟

    أما التجاوزات الأخلاقية والفت في عضد الدين ربما يكون مرده الى نقص فى (الفحولة) .

  3. الرستلة الاعلامية مسئؤلية اخلاقية في المقام الاول عند توفرها يمكن ان تكون الرسالة ..
    لكل وظيفة وصفها والا اختلط الحابل بالنابل فاصبح التاجر طبيبا وصبح الطبيب رجل شرطة واصبح البقال مهندسا الخ …ولكن لا الوم كاتبة المقال فهي تصف الواقع في بلادي التي ليس لها وجيع ففي بلادي تجد الطبيب اصبح تاجرا فعلا والشرطي اصبح رجل اعمال والمهندس اصبح بقالا …لك الله يا وطني

  4. مشفق و عمر
    مشفق هذا عنوان طرح رؤية صاحبته.

    عمر اتركنا من موضوع الفحول امكن عندك فيه….
    انت لا تعرف شيء عن الجيش و كل اموال شركات الجيش و الامن تذهب لتطوير القدرات و الذات و المواطن و الوطن.

    هذه الشركات خطر بل دبل خط احمر و تحت خط احمر كمان.

    اين الشركات الوطنية!!!؟ و اين شركات احزاب الفته!؟! و شركات حركات النهب المسلح؟!!!!!!!

    ناس المرحلة الانتقامية جاين ناس بلع و لهط و فاكرين الشعب او القوات النظامية بتخاف من نابح الكب الأمريكي و افت الخنزير اليهود الغربي! امشي الغب بعيد.

    عفارم عليك ي البطل البشير ي قائد عجلة النهضة و التطور و صانع السودان الحديث.
    و التحية للابطال من اخواننا و اعمامنا و أبناءنا بالقوات النظامية و التحية لاخوات نسيبة و مهيرة.

    هبت رياح النصر
    و زمجرة امواج الطوفاااااااان

  5. يا استاذة داليا.. طبعا الاجابة واضحة.. اذا فقد الجيش امكانات تسليحه و تجهيزه فسيكتفي بالفرجة على مهددات البلد و انتهاك حدودها و سيادتها.. لكن فات عليك ان هذا بالضبط ما يريده تحالف القحاتة و الشيوعيين و لكن حتى الان فشلوا فيه لانه لم يزل في جيشنا رجال غيورون اشاوس.. حفظهم الله و حفظ البلاد من العملاء و الجواسيس الذين يحكموننا في غفلة من الزمن.