منصور الصويم

الشرق بين جمال بورتسودان وقبح الفقر


[JUSTIFY]
الشرق بين جمال بورتسودان وقبح الفقر

يحكى أن فعاليات مهرجان السياحة والتسوق السابع في بورتسودان، التي انعقدت خلال الأيام الماضية، أثارت الكثير من الجدل بين المتابعين والناشطين، ليس حول الفعاليات في نفسها ولكن حول واقع الحياة في ولاية البحر الأحمر، أو إقليم شرق السودان، وعقد مقارنات ما بين ما يوصف بالنقلة الحضارية لمدينة بورتسودان على يد الوالي محمد طاهر ايلا، وما بين سياجات الفقر التي تطوق مواطني الشرق في أطراف وهوامش الإقليم الكبير، ذي الطبيعة الساحرة والموقع الإستراتيجي والتعدد الإثني والدور (الخطير) سياسيا وأمنيا وتنمويا وقبل ذلك بشريا.
قال الراوي: بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام، ودبجه كبار كتبة الصحف، فإن نقلة مدينية كبرى تحققت لمدينة وميناء بورتسودان، ورفعتها إلى مصاف المدن السياحية والحضارية في الدول الأكثر تقدما من (بلدنا)، فالشوارع تمت سفلتتها بالكامل بما فيها الطرقات والدروب والأزقة الداخلية، والكورنيش أصبح أجمل ما يكون، والمظهر الجمالي السياحي يطغى على كافة المباني الخدمية، والمدينة (نظييييفة جدا)، وكل شيء يشير إلى جهد كبير قد بذل لتجميل بورتسودان حتى تستحق لقبها (عروس البحر الأحمر).
قال الراوي: في الجانب الآخر رأى المتابعون والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية على الإنترنت، إن جمال مدينة بورتسودان، لا يعدو أن يكون جمال (جمل الطين)؛ مشيرين في هذا إلى كم القبح الذي يجتاح الولاية بأكملها ممثلا في الأمراض (السل نموذجا)، والفقر الذي يغطي على النسبة العظمى من السكان ويضعهم ضمن أكثر مواطني السودان فقرا (على مستوى الفرد) ومعاناة (على مستوى البنيات التحتية)، وتدنيا في الخدمات ومستويات التعليم وخلافه، وهو الشيء الذي يجعل جمال الشوارع والكورنيشات والمطاعم والشاليهات وغيرها في العاصمة الميناء، ترفا مستفزا لا يخص هؤلاء السكان في شيء.
قال الراوي: التنمية في أبسط تعريفاتها هي الاستثمار في الإنسان، لأنه باختصار هو أساس هذه التنمية، فلا يمكنك الادعاء مطلقا أنك حققت قدرا من التقدم والنماء وإنسانك يعاني من الثالوث المرعب (الفقر، المرض، الجهل)، وإلا تكون كمن يكذب على نفسه ويصدق كذبته ويحاول تمريرها للآخرين عبر أدوات التطبيل ونشر الأكاذيب المعروفة، وما يحدث في الشرق أيا كان يستدعي أولا السؤال عن الإنسان هل أثرت هذه التغيرات التي يتحدثون عنها فيه وعليه، هل نقلته تنمويا بالشكل المطلوب حضاريا وإنسانيا ومجتمعيا؟
ختم الراوي؛ قال: يا (سادة) اقضوا على الأمراض والفقر وأشبعوا البطون أولا.
استدرك الراوي؛ قال: دبايوا.

[/JUSTIFY]

أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي