أبشر الماحي الصائم

حزام الوزير!


[JUSTIFY]
حزام الوزير!

*في لقائه مع تلفزيون البي بي سي من واشنطن في وقت سابق، قال السيد وزير ماليتنا الأستاذ علي محمود عبد الرسول، إن السودان لا يقع في حزام القمح العالمي، وبالتالي غير مطلوب منه إنتاج القمح، لكن بإمكانه أن يعو بمحصولات أخرى من بينها الذرة وكان السيد عبد الرسول يشهد يومها منشطاً عالمياً هناك.
*السيد المتعافي هو الآخر قد ذهب ذات يوم في هذا الطريق، فعلى الأقل قد صرح بعيد الموسم الفائت بأنه (غير منزعج) من تخلي المزارعين عن زراعة القمح واختيارهم محصولات أخرى، بحيث ان السيد وزير الزراعة مع خيارات المزارعين والتي تدر عليهم امولاً أفضل، وأذكر يومها أني قد خرجت بمقال في هذه المساحة تحت عنوان ( يزعجني عدم انزعاج السيد المتعافي)!
*غير أن السيد علي محمود وفي أحدث تصريح له قد عاد ليؤكد أن لا مفر لاقتصادنا المنهك من إنتاج القمح فلابد من صنعاء القمح وإن طال السفر لأن فاتورته المتسارعة أصبحت أضخم من أن يسترها أي محصول آخر من الذرة إلى القطن إلى زهرة الشمس.
*وبين واشنطن والخرطوم لا أدري ما الذي تغير، هل أصبح السودان بقدرة قادر يقع في حزام القمح، أم أن الأحزمة التي اشتدت وطأتها علينا على الاقتصاد هي التي حزمت أمرنا لنذهب قسراً في هذا الاتجاه وكثير من الكلام والتصريحات المتقاطعة التي أحصيناها عليهم فنسوها!
*فيبدو كما لو أن هناك ارتباكاً كبيراً في (وجهة البلاد الزراعية)، فعلى الأقل إن وزراء الاقتصاد لا يؤمنون أصلاً بمبدأ زراعة القمح، مرة لأننا خارج أحزمته، ومرات لأن المزراعين لا يرغبون في زراعته.
*وهنا تغيب إرادة زراعة القمح وتضعف الحماسة إلى إنتاجه ويترك أمره لمزاجية المزارع، فمن شاء زرعه ومن شاء تركه، صحيح أن الوزارة تقوم بتحضير بعض التقاوى والتمويل بقليل من الإرادة والتحريض.
*غير أن إرادة القمح الكبرى وثروته العظمى لن تُصنع بعد في (بلاد النيل والشمس والصحراء)، صحيح أن هناك بعض اجتهادات في (مشروع النهض الديواني) غير أنه لن يكتب لنهضة القمح الكبرى الانطلاقة الحقيقية إلا بعد أن يتحول هذا المشروع النظري إلى (مشروع النهضة الزراعي) بمساحة مليون فدان على أرض الواقع.
*يُحكى أن درويشاً كان يحمل سبحة لالوبية عظيمة قد صلى أمام شيخ فقيه ولم يحسن الصلاة، فقال له الشيخ قم فصل فإنك لم تصل، قال الدرويش (انتو قايلين الحكاية صلاة) فسأله الشيخ مستغرباً، إذن ما الحكاية! قال الدرويش (الحكاية لالوب بالليل ساكت)!
*الحكاية إذن، حكايتنا نحن (هي قمح ساكت) وجربوا بتوفير قوتكم وكفايتكم من القمح) إن لم تستقم الأمور في كل المسارات والمجالات حتى السياسية منها والاجتماعية.
*فنحن الآن كلما أنتجنا ثروة ومعدناً من النفط إلى الذهب، فإنها كلها تهلك في فاتورة القمح المتزايدة عاماً بعد عام وإن ذهبنا في هذا الاتجاه التقاعس أخشى أن كل منتوجاتنا ومكتسباتنا لن يكن بمقدورها تغطية سوءة القمح.
*لنبدأ بالقناعة (بأن أرضنا بامكانها ان تنتج قمحاً (مهما كان حزامنا واحزمتنا، ثم بعد ذلك نذهب بتوفير الارادة التي تتمثل في انفعال وزارئنا المعنيين بهذا الامر ثم نصنع خططاً وبرامج وتمويلات تجعل القمح جاذباً للمزارعين ثم.. ثم..
* سادتي اعلموا أن الطريق إلى دولة الكفاية والرفاهية والعدل تبدأ بحقولنا الزراعية أن تشتعل الأرض (قمحاً ووعداً وتمني)، فأي مدخل لاستنهاض اقتصادنا غير هذا الباب لن يفضى إلا لمزيد من الأزمات.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي