حكومة ما بعد شيخ علي
*عندما يعكف المدير الفني لأي فريق لاختيار تشكيلة ليخوض بها منافسة جديدة، فهناك سؤال مفصلي سيطرح نفسه، وهو ماذا يريد من هذا التيم؟، أحياناً يحتاج الفريق أن يحافظ على موقعه في الصدارة، وأحياناً يكون متخلفاً بعدة نقاط فيريد أن يعوض تلك الخسارة.
*كذلك الحكومات عبر العالم، فهناك حكومات (تصريف أعمال) وهناك حكومات تحضيرية تستبق عملية الانتخاب، وهناك حكومات برنامج اقتصادي إسعافي..
*وربما لا تحتاج عنزان لتنتطحا في أن دولة السودان في هذه المرحلة تحتاج شيئين اثنين على وجه الخصوص والسرعة، الشيء الأول هو (الأزمة الأمنية) وحالات الاحتراب التي ظلت تنهك موارد الدولة طيلة الفترة الفائتة، على افتراض أن كل المسكنات (والدوحات) التي أنفقنا لأجلها الكثير لم تضع حداً لهذه الأزمة المتطاولة كما لم تصلح لها حالات الاحتراب، والذين يديرون هذه (اللعبة القذرة) من وراء البحار يتحركون في ملعب كبير يمتد إلى آلاف الكيلومترات ليس بإمكان الدولة السودانية حراسته مهما وظفت من إمكانات.
فلا سلام أراحنا ولا الحرب أنهت معاناتنا..
فبكل تداوينا فلم يشف ما بنا
على أن قرب الدار خير من البعد
على أن قرب الدار ليس بنافع
إن كان من تهواه ليس بذي عهد
*والأزمة الأخرى هي بامتياز (الأزمة الاقتصادية)، بحيث يفترض أن يتم التشكيل والتخطيط لهذا التيم وفق المتطلبات الاقتصادية، بحيث لا يكون المعنيون بهذا الملف مجرد (عدادين وحسابين)، فيفترض أن تكون لهم رؤية إنتاجية وكلية للاقتصاد والتخطيط.
*والسؤال هنا، هل كانت حكومة ما بعد شيخ علي والمتعافي والجاز وعلي محمود، حكومة الجنرال بكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين بامتياز، هل كانت استجابة لتلك المطلوبات التي ذكرناها!
*والإجابة في شقها الأول هي نعم، فبالاضافة إلى المشير البشير وتجربته التراكمية في أدب الحرب والسلام، هناك محارب قديم آخر قد أصبح الرجل الثاني بامتياز في القصر الجمهوري، ألا وهو الفريق بكري حسن صالح آخر ما بقي من رجال ثورة يونيو، وذلك بجانب الفريق أول مهندس عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني.
*فلئن كان الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول السابق يتهم بأنه كثيراً ما يمسك يد العسكريين، ففي المقابل أتوقع أن أسرع قرار يمكن لحكومة ما بعد شيخ علي اتخاذه هو إعلان الحرب وخوضها.
*يبقى الاقتصاد، هل هذا التيم قادر على تعويض الخسارة الاقتصادية التي ترزح تحت وطأتها بلاد النيل والشمس والصحراء! فعلى سبيل المثال هل بمقدور المهندس الزراعي إبراهيم محمود الذي أفنى عمره في كل شيء إلا الزراعة، هل بمقدوره أن يفعل ما عجز عنه السيد المتعافي؟! والسؤال ذاته يمكن أن يطرح في موجهة وزراء القطاع الاقتصادي الآخرين.
*لن نتعجل بالإجابة، فالأيام والشهور والسنون القادمة كفيلة بصناعة الإجابة القاطعة.
مخرج.. جاء عابر طريق إلى مجلس فيه المرحوم الفنان محمد عمر الرباطابي، فشاركهم مائدة الطعام، فرأوا منه شراهة في الأكل لم يألفوها، فلما قضيت وجبة الطعام سألهم، هل المسافة إلى ذلك المكان بعيدة، فتصدى له الرباطابي (أكان مشيك زي أكلك ده هسع تصل!) هذه الحكومة إن كان اقتصاديوها مثل عسكرييها سرعان ما ستندلع معارك الإنتاج!
والله أعلم
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي