بعد تلمس مفصل المعاناة :الخطة الإسعافية للمياه.. هل يذهب الظمأ وتبتل العروق ؟
شهدت منطقة شرق النيل في اليومين الماضيين ازمة حادة في مياه الشرب، وكانت معاناة المواطنين اكثر بروزا بمنطقة الجريف شرق وامتدادتها الجديدة في كركوج ومربعات 3 و4، وبرغم ان الشكاوي من الفشل في الحصول علي المياه كانت القاسم المشترك بين المواطنين بمختلف مناطق ولاية الخرطوم ابان تداعيات دخول وخروج كهرباء سد مروي عندما عاشت الخرطوم اسوأ حالات العطش ما دفع الجميع لتوجيه اصابع الاتهام لهيئة مياه الخرطوم بالقصور.
الانتقادات الحادة للهيئة دفعت مجلس تشريعي الولاية الي استهجان ظاهرة القطوعات المتواصلة وانتقد هيئة مياه الخرطوم، واصفا وضع الامداد بالمتردي علي حد قول الرئيس المناوب للجنة الشؤون الهندسية بمجلس الولاية، بيد ان الاوضاع تحسنت كثيرا في اعقاب استقرار الامداد الكهربائي منذ منتصف مايو الجاري لتتراجع الشكاوي حتي عادت للسطح مرة اخري في الايام الماضية ببعض انحاء العاصمة وكانت اكثر بروزا في شرق النيل .
والي ولاية الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر وخلال تلمسه لاسباب معاناة المواطنين بالولاية طالب خلال لقائه بهيئة مياه الخرطوم، بوضع خطة اسعافية عاجلة ترفع اليه في بحر اسبوع ليتم تنفيذها خلال اسبوعين علي حد توجيه الوالي لتتجاوز الولاية اسباب المعاناة في مجال المياه .
قلت للمهندس خالد علي خالد مدير هيئة مياه الخرطوم تلمسنا حماسا منقطع النظير من والي الخرطوم لحل مشكلة المياه فما هي مدلولات توجيهات الوالي للهيئة ؟ فأجابني : ( قائلا ان والي الخرطوم قد طلب اليهم وضع خطة اسعافية لمواجهة الازمة وربما شملت الخطة الاسعافية توفير مولدات كهربائية لبعض المحطات لمضاعفة كميات المياه وحفر محطات اضافية او اية تدابير اخري يتطلبها الحل الاسعافي العاجل ).
وقبيل الوقوف علي امكانية توفير معالجة مشكلة مياه الشرب بصورة آنية لابد من الاشارة الي ان حجم المياه التي تنتجها الهيئة علي مدار اليوم تبلغ 750 الف متر مكعب في وقت قفز فيه حجم الاستهلاك الفعلي للمواطنين بالولاية الي 910 الف متر مكعب في اليوم اي بعجز 60 الف متر مكعب وفقا للارقام الرسمية الصادرة عن هيئة مياه الخرطوم،ما دفعها لاتخاذ التدابير ووضع الخطط اللازمة لسد هذه الفجوة المائية .
جاءت خطة الهيئة عبر محورين يتضمن المحور الاول التوسع في حفر وتركيب الابار ذات الانتاجية العالية والآبار العادية في المناطق الطرفية، فيما جاء المحور الثاني مهتما ببناء وتشييد محطات المعالجة النيلية علي رأسها محطة الخرطوم الجديدة بسوبا لمعالجة ونقل المياه لمناطق شرق وجنوب الخرطوم كمرحلة اولي اضافة الي خمس محطات منتشرة في اطراف الولاية المختلفة، كما وضعت الهيئة خطة شاملة ومتكاملة لترشيد وحسن استخدام المياه ونشر الوعي المائي بجانب الحفاظ علي مصادر المياه بعيدا عن التلوث البيئي في وقت بلغ فيه عدد المشتركين في شبكة المياه بالولاية 290 الف مشترك، وينتظر ان يزيد هذا العدد سنويا بشكل مضطرد لما تفرزه الخطط الاسكانية والتوسع العمراني بالولاية من مشتركين جدد .
مشاريع المياه التي يجري تنفيذها في الوقت الراهن تشمل محطة مياه المنارة لانتاج (300) متر مكعب ويتوقع دخولها في الشبكة في بداية العام 2010، وهناك محطة مياه جبل اولياء التي اكتمل تشييدها بطاقة (68) الف متر مكعب ويجري العمل في تشييد الخط الناقل لربطها بالشبكة اضافة لمحطة مياه عد بابكر لتخزين واعادة ضخ المياه بطاقة تصميمية تلغ (50) مترا مكعبا.
احد الخبراء الوطنيين في مجال المياه سألته عن امكانية حل جذري خلال ثلاثة اسابيع وهو ما وعد به والي الخرطوم فأجابني قائلا : ( لابد اولا من تثمين طريقة تعاطي الوالي مع الامر، وكنت احسب ان الثلاثة اسابيع التي حددها الوالي يقصد بها المهلة المحددة لرفع تقرير متكامل يحدد حجم المشكل وسبل معالجته حتي يتخذ فيه والي الخرطوم قراره وعلي كل فإن المعالجة خلال (3) اسابيع لا تتجاوز كونها اسعافية لمواجهة الموقف وهذه تتمثل في تشييد محطات محدودة الطاقة الانتاجية وستسهم في حل المشكل داخل المناطق التي بها ازمة مثل مناطق ام درمان لان مناطق الخرطوم مشكلتها تتمثل في احلال الشبكات، خاصة ان مناطق جنوب الخرطوم وبعد دخول محطة مياه سوبا لم تعد تواجه شحا في المياه وربما تكون هنالك بعض المناطق تحتاج لاعادة تأهيل الشبكات، وبالحديث عن المياه فلابد من الاشادة بإدارة مياه الخرطوم والتي تقوم بتنفيذ مشروعات طموحة فقط ليت هذه الادارة عملت بطريقة فريق العمل لان نهج العمل بأسلوب الجزر المعزولة جاء خصما علي الاداء)
ايا تكن سبل المعالجة جذرية او انية فلابد من الاشارة الي ان الحل الجذري لمشكلة مياه الخرطوم في ظل حماس والي الولاية الدكتور عبدالرحمن الخضر مقدور عليه ويتطلب دعوة كافة الجهات ذات الصلة من محليات ووزارة وهيئة وبيوت خبرة محلية ودولية لمؤتمر يبحث كيفية اجتثاث المشكل في ظل الموارد المائية المتمثلة في نهر النيل وفرعيه وتوفر كافة المدخلات المطلوبة لتشييد واحلال الشبكات بعد نجاح مشروع توطين صناعة المواسير بعد قيام مصنع الوسام ذي الطاقة التصميمية الكافية لمواجهة احتياجات مشروعات المياه بالبلاد من المواسير التي يتم انتاجها وفق احدث المواصفات العالمية.
بله علي عمر :الصحافة