رمضان أحمد السيد
ورحل فارس الرواية العربية
* ودع أديبنا الكبير الطيب صالح بعد أن عانى الكثير ليقدم لنا إبداعاً مميزاً رفع من اسم السودان في المحافل العالمية ..
٠٠ كيف لا وقد اعتبرت روايته موسم الهجرة إلى الشمال أشهر الروايات العربية ، ..
٠٠ بل إنها دخلت ضمن أفضل مائة عمل روائي عالمي ..
* ولد أديبنا الكبير الطيب محمد صالح أحمد المنشاوي بقرية كرمكول الواقعة على الضفة الغربية من منحنى النيل ، منطقة الدبة ريفي مروي .. ولهذا يفخر دائماً عندما يسأل عن موطنه إنه من قرية تقع على منحنى النيل ويذكرها بالإسم كرمكول .. لذلك جاء إسم الشركة الصحافية التي تصدر آخر لحظة برسم شركة المنحنى للصحافة ، وكان أحد كتابها ومن أعز أصدقائه الراحل حسن ساتي ..
٠٠ تميزت معظم أعمال أديبنا الراحل الطيب صالح بالتفرد والتميز فكان أيضاً عرس الزين ، والذي تحول فيما بعد لفيلم شهير للمخرج الكويتي خالد الصديق ، وممثلنا الكبير علي مهدي ، والذي عندما زار المنطقة ليقف بنفسه على الكثير من الواقع والأحداث والعادات وغيرها كنا صغاراً ولكننا كنا لجد مبهورين وقريتنا تحظى بهذا الإهتمام الخارجي الكبير ..
* نعم رحل الطيب صالح ولكنه خلد إسمه وأعماله التي لا تنسى فمن ينسى »المنسي« وبندر شاه ، ودومة ودحامد ، وضو البيت وغيرها من روايات على رأسها موسم الهجرة الى الشمال وعرس الزين ..
* يقول الفريق محمد أحمد الدابي عديل عمه »سيد صالح« أن الطيب صالح فريد من نوعه بدليل زهده في الدنيا وعدم التفكير في تملك منزل أو أية قطعة أرض في البلاد .. كما أنه كريم جداً مع أقاربه في كل زياراته ، يزور ويؤانس ويكرم.. ولا يتخلى أبداً عن أصوله ، وعادات القرية ..
* عندما زرته في فندق قصر الصداقة على أيام السودان عاصمة الثقافة العربية وزياراته التاريخية ، وجدت معه البروڤ على شمو الذي أراد أن يعرفني للطيب صالح ، فقال له أديبنا أتريد أن تعرفني بقريبي؟! فقال له البروڤ إذن فهو مستغل لإسمك؟! وهنا أجاب الطيب صالح بالنفي وسرح في أمور أخرى ..
* والحق يقال إنني دائماً أفاخر بالطيب صالح من خلال أحد الحوارات التي أجريتها معه في إحدى زياراته النادرة منتصف الثمانينات لصحيفة نجوم الكورة والتي توليت رئاسة تحريرها فيما بعد قبل التحول وإصدار قوون .. فكان قوله : شوف دي أول مرة أعمل لقاء لصحيفة رياضية ، ليس لأنك ولدنا ، أو مجاملة لك ، وإنما لأنه هناك جيل جديد أنتم تخاطبونه وأنا لا أريد أن يكون إهتمامه بالكورة فقط ، بل بالأدب والثقافة ، وهكذا كانت نظرته بعيدة ، برغم أنه لم يكن بعيداً عن الكرة فكان من أكثر المعجبين بالمعلق العربي الرائع والراحل أكرم صالح ، وكان يعشق الدوري الانجليزي ويشجع المان!!
* الطيب صالح كان لصيق الصلة بأرضه وتراثه وقريته ، كان مفتوناً بمدائح أولاد حاج الماحي ويحفظ الكثير من القصائد .. وكان مفتوناً أيضاً بفن الطمبور ، كان يطلب دائما أغنية للفنان الراحل النعام آدم ، ويعتذر بعدها للمستمعين ، قائلاً : مع الاعتذار لهذه الإقليمية الضيقة ..
* أذكر إنني قلت لكم فيما مضى أنه كان أكثر إعجاباً بالفنان عثمان حسين ، وكان مفتوناً بأحد أبيات قصيدة صلاح أحمد محمد صالح .. ومعجباً به ..
ولما نالوا مرماهم
جفوني وقالوا حبي جنون
* نعم هاجر الطيب صالح لإنجلترا وكان يقول ويفاخر دائماً بالراحل صديق دربه فتح الرحمن البشير الذي كان وراء تلك الهجرة ، ونعم تزوج من إنجليزية »جولي« ولكنه احتفظ بأسمائنا الجميلة لبناته الثلاث زينب والسارة وسميرة والحمد لله اليوم تعلمن وتخرجن وحضرن ونلن الدكتوراه في الادب الفرنسي والانجليزي وتزوجن وأنجبن.. والحديث عن رفيقة دربه زوجته جولي يطول ويكثر ويؤكد معنى الوفاء الذي امتد لما يقارب الخمسين عاماً.. ويكفي الموقف الاخير من خلال المرض ومرافقتها له باستمرار، والتفاف بناته به وعودتهن من ألمانيا وكندا.
.. في وقت كان يتوقع فيه ان تطالب الزوجه وبناتها بأن يدفن ويوارى الثرى في لندن حتى يكون قريباً منهن للزيارات والدعوات وهكذا. لكنهن جميعاً لم يمانعن بأن ينقل للسودان ويوارى الثرى بالخرطوم وسط أهله كأحد الرموز الكبيرة..
وياله من موقف.
* نعيه شق على الجميع تناقلته الوكالات والقنوات وخصصوا له مساحات كبيرة ، استنطقوا من خلاله الكثير من الأدباء والأصدقاء.. يكفي ان قناة البي بي سي التي عمل بها كثيراً وقدم لها الكثير نعته تحت كابشن (صاحب موسم الهجرة الى الشمال يهاجر إلى الأبد).
* معنى الوفاء تجسد في صيوان العزاء بمنزل شقيقه بشير محمد صالح بمدينة النيل بام درمان بعد لحظات من اعلان الوفاة جاء كبار الأدباء والاصدقاء ورابطوا من الصباح وحتى منتصف الليل ويكفي ان رفيق دربه وصديقه حسن تاج السر ظل مقيماً بالصيوان يتلقى العزاء ويحادث ذاك، ويهاتف شقيقه بشير الموجود مع الجثمان في لندن عن آخر الاخبار والتحركات، جاء كبار الأدباء دكتور حسن ابشر الطيب قاطعا الاميال بعد ان كان في زيارة لكنانة، وجاء صديق المجتبى والوزير عبدالباسط عبدالماجد والبروف علي شمو وحضر د. عبدالله حمدنا الله، ود. عبدالله علي ابراهيم وحضر الفنان ابوعركي البخيت ، دكتور احمد وبروف موسى وخالد فتح الرحمن وجاء كبار الصحافيين رؤساء التحرير ومدير التلفزيون محمد حاتم سليمان واهالي قرية كرمكول وروابطها وابناء ام دوم قوشابي وابناء عمومته وكان يفاخر الطيب صالح دائماً بانه له ٩ أعمام وعمة واحدة.
الطيب صالح له شقيق واحد بشير محمد صالح وشقيقة واحدة رحلت قبل سنة تقريباً علوية محمد صالح.
* احتسبته رئاسة الجمهورية ، ووزارة الثقافة والشباب والرياضة وتقدم المعزين دكتور امين حسن عمر رغم عودته قبل ساعات من اخطر المهام وقضايا السلام التي قادها في الدوحة.
* دكتور الباقر أحمد عبدالله ، محجوب عروة ، عادل الباز ، نورالدين مدني ، وغيرهم من كتاب ورؤساء تحرير قادوا حلقات نقاش هادفة تناولا لادب وسيرة الطيب صالح العطرة.
❊ لحن الختام
* وياله من لحن حزين.. حيث نترقب جميعاً فجر غد الجمعة وصول جثمانه الطاهر النقي ليواري الثرى بمقابر البكري بام درمان، حيث رأت اسرته وشقيقه بشير انه رمز لكل السودان، حتى انه رفض طلباً لاهالي قريته كرمكول ليدفن في مقابر ود دوليب قائلا انه لكل السودان.
* والحق يقال انني لست ادري ، هل كانت تلك مصادفة ونحن ننشر احد اعماله التي كتبها نحو افق بعيد قبل ٨ سنوات بصحيفة (المجلة) »متى تعود القماري« في إشارة لطيورنا المهاجرة ، ولم يدر ، ولم ندر إننا برحيله المر في اليوم الثاني للمقال بانه المعني، ولكنه عاد إلى مثواه الأخير ، هذه العودة الابدية التي ابكتنا جميعاً.
له الرحمة والمغفرة ولآله ومحبي أدبه وكل الشعب السوداني أحر التعازي ..
و(إنا لله وانا اليه راجعون)[/ALIGN]
حقيقة اننى من المعجبيين بالطيب صالح ولقد قمت برثائه فى العريبة نت كما اننى ايضا قمت برثائه فى موقعك لا ن الطيب صالح رحمه الله فى وجدننا ولا يمكن نسيانه وقد لا حظت ان العديد من القنوات العربية اهتمت برحيله من خلال الارشيفات التى اجريت معه وكل لحظة تكتشف ان الطيب صالح موسوعة ادبية تحوى الكثير من المعلومات النفسية وهو من جيل العمالقة الذين رحلوا امثال البروفسر عبد الله الطيب ومحمد المكى ابراهيم فى مجال الشعر وصلاح احمد ابراهيم وغيره من الافذاذ مثل محمد المهدى ابراهيم وجمال محمد احمد ومحمد احمد المحجوب اتمنى ان تكون له ذكرى بتسمية مكان ليظل محفورا فى ذاكرة الاجيال القادمة واتمنى من كاتب المقال ان يرعى هذه المسالة لان هؤلاء الادباء هم عنوان الحضارة الثقافية السودانية ولا يجب ان نكتفى بالعزاء فقط دون ان يكون هنالك مكان لذكراهم واذا حسبنا الذيين رحلوا نخشى ان تندثر ذكراهم وتمحو من ذاكرة الاجيال ان هذه الامور يجب الاهتمام بها لانها عنوان لا يمكن ان يمحى من ذاكرة الاجيال ودائما الشعوب المتحضرة تهتم بمبدعيها لان ذلك هو ابسط معانى التكريم بالنسبة لهم املى كبير ان يكون ذلك نصب اعينكم لان الابداع لا يحد بزمن معين بل يتناقل من جيل الى جيل وذلك ابسط معانى العرفان الطيب صالح الله يرحمه قامة كبيرة علينا ان نوليها اهتماما لان جذوة الابداع دائما مستمرة لقد رحل الكثيرون ولم نعرهم اهتماما لان التعزية يجب ان تكلل بعمل مستمر لان هؤلاء المبدعيين افنوا حياتهم من اجال ايصال رسالة الى الاجيال وعلينا ان نضع فى ذلك اعتبارا لا يملك المرء الا ان يقول انا لله وانا اليه راجعون