علاج لمرض المذيعات
والحديث عن المذيعات اللاتي يضربن الرقم القياسي في الاهتمام بالشكل والمظهر.. (تياب) و (ما كياج) و(أكسسوارات) و (حناء) و (بوهيات) وأشياء عجيبة.. في تغيير خلق الله.. دون أدنى اعتبار لما يقدمن .. وكثيراً ما يتفوقن على ضيوفهن من النساء أو الرجال في الشكل الخارجي.. وفي كثرة الكلام.. حتى تظل الكاميرا في مواجهتن أطول مدة ممكنة.. وغير ممكنة..
بعض الزملاء من الصحافيين الذين يكتبون في المجال يأتي نقدهم وكتاباتهم (انطباعية).. (استلطافية).. وأحياناً غزلية صريحة متأثرة بالشكل والبهرجة فتفوت عليهم في (غمرة البهرجة).. الجلطات اللغوية والمعلوماتية.. والابتسامات التي ترسل في غير مكانها ولا مناسبتها.. ولعل كل ما نشاهد ونسمع ونتابع في فضائياتنا يؤكد وبما لايدع مجالاً للشك في أن اختيار المذيعة لا يتم أبداً وفق أسس علمية تخصصية أو إمكانات أو موهبة ربانية وغالباً ما تكون أكبر الدرجات للقبول تعتمد على الشكل الخارجي أو التزكيات أو المجاملات أو.. أو.. وبعد كل هذا إذا أعدنا معاينات لهؤلاء المذيعات على الأسس العلمية من مؤهل إعلامي أو تخصص ثم الصوت.. والطلة المقبولة (وليس المزعجة) فإن كل أو معظم هؤلاء المذيعات لن يجدن الفرصة لتقديم (ربط) ناهيك عن حوارات ومناقشات مع شخصيات مختلفة وحول مفاهيم وتخصصات علمية وثقافية وفنية وسياسية ورياضية وغيرها. وأرفع اقتراحي هذا للمسؤولين حتى تنخفض حمى السباق الاستفزازي في الزي واللبس والتباهي بين المذيعات، وأقترح أن تصدر جهات الاختصاص قراراً بتوحيد زي المذيعات ليصبحن كمضيفات الطائرات زي محدد بلون محدد وتفصيل موحد يجبرهن على ارتدائه في مواجهة الكاميرا حتى يستطيع المشاهد أن يفرز بين الضيف والمضيف في التلفزيون.. وحتى تستريح المذيعات من هاجس وهوس الكوافير والبديكير والمنكير والإكسسوارات والهتش و(البكش) الذي يمارسنه عند تقديم أية حلقة أو برنامج، ويرتاحن كمان من إيجار الثياب أو عرضها كإعلان لأصحاب محلات الثياب.. ويخففن على أنفسهن من (عنكشة) السكسك والخرز والودع.. والأصلي والتقليد.. والصيني والتايواني.. ويتركز الاهتمام على الموضوعات المقدمة وإصلاح الحال المايل المتهايل..
عايرة وأدوها سوط
على الرغم من دراستي للإعلام والتحاقي بالصحافة (محترفاً) منذ الثمانينات وعلمي التام بأهمية وسائل الاتصال الجماهيرية وتطورها ومواكبتها للعصر.. إلا أنني ما زلت حريصاً على عدم الدخول عبر ما يطلق عليه في هذا الزمان (الأسافير) والتواصل.. والفيسبوك.. والواتساب.. وما شابه ذلك من حكايات الاتصالات وما يكتب فيها من تأليف ومن فتن ومشكلات وشائعات.. وجرائم وقذف وإشانة سمعة.. وأخبار ملفقة.. وضررها أكثر من نفعها.. وكنت أرجو أن يظل مرضى هذه الأسافير والاتصالات يتبادلون شتائمهم وقذاراتهم عبر أجهزتهم ومواقعهم فقط، وألا ينقلوها للصحافة الورقية والمقروءة للعامة.. وإذا كان الأمر يستدعي نقلها للصحف فلتكن كلها عبر الصحف حتى يقف الناس على وجهات النظر والآراء الفطيرة والفياقة.. والضياع.. وأعجب لمن يكتب في الصحف رأياً أو نقداً أو وجهة نظر ويكون الرد عليه عبر المواقع الإلكترونية، ويزداد عجبي عندما ينقل الكاتب الصحفي الهجوم عليه من الأسافير إلى صحيفته ويرد عليها عبر الصحيفة بدلاً عن الرد عليها في المواقع.. فالصحافة إو الكتابة عبر المواقع الإلكترونية تقتصر على أصحاب المواقع التي يندر أن يتابعها آخرون.. وقد يشير ذلك إلى إفلاس بعض كتاب الصحافة حول ما يهم المواطن وقضاياه الحساسة والمباشرة ليفرضوا على القراء ما يدور بينهم وأشخاص ليس لهم في الصحافة الورقية (السلطة الرابعة)، ولعل اتجاه المجلس القومي للصحافة والمطبوعات لإضافة قانون للصحافة الإلكترونية يؤكد أنها تعمل بلا ضابط ولا رابط، ويبدو أن الأسلوب عبرها تطغى عليه الصفاقة والهيافة، وكان من الممكن أن يمنع المجلس الصحفي كتابه من أي تعليق حول ما يكتب بالأسافير أو نقله للصحافة الورقية.. باعتبار أنها (عايرة وأدوها سوط).
دعاني للكتابة حول هذا الأمر أن ثمة مكاتبات تدور بين صحافي وكتاب أسافير.. وكل الحكاية أن الصحافي الناقد الفني كان ينتقد بشدة إحدى مطربات الغفلة وأحد مطربي العدادات، وفجأة تحول للإشادة بهما بعد أن كتب أن ثمة دعوة فاخرة وصلته من المطربة الناشئة لحضور تدشين لمجموعة إعمال فنية خاصة.. ووجد نفسه ضمن الـ(VIP) والمقاعد الوثيرة.. فتغير رأيه معتمداً على أن المطربة أصبحت واعدة ومجتهدة وجاءت بما يستحق الإشادة.. (والأمانة الصحفية) تحتم عليه و(شرف المهنة) يطلب منه وكذلك الفنان القنبلة الذي يرجى منه الكثير والذي اتهم فيه (بالرشوة) هكذا يفعل كتاب الأسافير والتواصل.
والحقيقة التي أود أن أقولها إنهم جميعاً يتسببون في خلق مثل هؤلاء الصبيان والصبايا الذين اتخذوا من الفن مهنة ومصدر رزق اعتماداً على أشياء لا علاقة لها بالفن الغنائي، خصوصاً أن أعدادهم في تزايد مخيف. نتمنى صادقين ألا نخلق من هؤلاء موضوعات للصحافة فنساعدهم ونحن نؤذيهم دون أن ندري.
حسبنا الله ونعم الوكيل
محمد الياس السني
صحيفة الإنتباهة
ت.أ