فدوى موسى

هديك الفوضى!


[JUSTIFY]
أهديك الفوضى!

قد ينظر الكثيرون لموت الفنان (بهنس) بدرجات مختلفة من الرؤى والتخيلات والتحليلات.. هناك من يرى أنه ظلمته ظروفه الخاصة، أو من يرى أنه ضحية واقع مأزوم، ومنهم من رمى البلد أهلها وناسها وحكامها وكالها السباب.. ولكن الشاهد بكل المقاييس أن موته فجر نوعاً من الانتباه لغياب الإحساس العام بين الناس وضياع المروءة بينهم في ملمات الشوارع والهائمين بحثاً عن شيء ما.. اختلفت الآراء أو اتفقت فإننا نقر بفقد إنسان له دوره الإنساني بطريقة مأساوية له ولبلاده.. فلنقل انعدمت أسباب ارتضائه للوطن وسارفي دورب الغربة التي تغنى لها في تراتيبية كلامية (بهديك الغربة هتاف ا لموتى).. وهاهو يمضي في مصيره يهدينا الفوضى- كما قالت كلمات قصيدته- والبلاد تتحسس على قفا المهاجرين منها.. كيف وصلوا لقناعة (ساب البلد) وحزموا كل أمتعة الطريق هاجروا أم هجروا.. بحيث انتصرت إرادة الذهاب بعيداً عن الوطن والبلاد.. بعض ممن أعرفهم وقد أخذتهم الغربة بعيداً أعرف تماماً أنهم مضطرون اضطراراً لمقابلة ظروف البقاء ولقمة العيش.. أو حتى ربما كانت هناك متطلبات أخرى خارج هذه المطالبات المباشرة.. ولأن المبدعين لهم ملكوت خاص تتعدد احتياجاتهم لأجواء مختلفة، مزيج من الواقع والخيال تلامس خد الهيام والعمل خلاف القول.. لذلك ترى البعض تنزلق من بين أيديهم الأماني في الهدوء والركون لمكان واحد أو زمان بتواترات يعتادها العامة ويترابطون على ميثاق ثوانيها ودقائقها.. لذلك تراهم متفلتين من قيود التكبيل الإنساني ومجال بحثهم الفضاءات الواسعة.. قد تأبى نفوسهم أرضاً كانت لهم فيها تفاصيل وماض باعتبار أن البراحات عندهم أكبر من حدود ما يرتضيه لهم البعض، أو ما يراه لهم المخططوات وأصحاب القبضة القوية، أو ما فرضته لهم حنوات (الأبوات) والأمومة البشرية الفطرية.. مضى (بهنس).. بقدرية بائسة جداً فيها سيولة إنسانية محزنة وتماهي عصيب مع تفاصيل الشتاء القارس مخلفاً غياباً لليد الحنونة التي كانت عليها مطالبة التمليس على قفاه المخزون بالوجع المركوز بتفاصيل التفاصيل التائهة أو كما قال (بهديك الفوضى).. و(بهديك الغربة هتاف الموتى).. (بهديك حزنك وستات الفول أثناء الخمشة).. لكن أقول قرائي أجمل إهداء قاله بهنس اختصره في عبارة (بهديك متمرد).

آخر الكلام:

أوطان المبدعين فضاءات واسعة لا تعرف حدود الناس وجغرافيتهم .. فهم لهم خرائط خاصة يسلكون دوربها وديمغرافية سكانية يتعاملون معها.. يهيمون ويسرحون ويحلقون، والواقع لا يحتمل رغباتهم فيقص أجنحتهم ويرديهم قتلى..

مع محبتي للجميع..

سياج : صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]