حينما تحدث الترابي.. لماذا الحوار وكيف الانتخابات؟!
قدم الرجل مسوقات فقهية وسياسية لمساره الحالي وقبوله للحوار، مشيراً إلى أن آيات القتال نفسها إشارت إلى رد تحية المقاتل العدو الذي يقاتلك بأحسن منها، وقال: “وبالتالي فإن أي شخص مهما فعل بك الأفاعيل إذا جنح للسلام فاجنح لها”، واستدل بموقفه من الرئيس السابق جعفر نميري الذي زامله بداخلية مدرسة حنتوب والذي سجنه سبع سنوات، وحينما تمت المصالحة الوطنية بين نظامه والمعارضة فلم يذكره بسنوات السجن تلك وحتى حينما عاد إلى البلاد بعد الإطاحة به فقد التقاه ولم يذكره بوضعه في أقصى سجون البلاد في آخر سنوات حكمه، في أشارة ورسالة فهم منها إجراء مقاربة بين تجربته خلال تلك الحقبة وما تعرض له في أعقاب مفاصلته لتلاميذه أوائل القرن الحالي.
واعتبر محاولات الحوار السابقة لجمع الحكومة والمعارضة فشلت، فملتقى كنانة الذي كان من المقرر “أن يعصر القصب ويخرج منه بالسكر لم نخرج منه بشيء.. أما اتفاق التراضي فما كان مرضياً عنه”، وأقر بضعف المعارضة التي أرادت أن تستعد بشكل متعجل وتكرر تجربتي ثورتي أكتوبر وأبريل، مبيناً أن ما يجمعهم هو كرهم للنظام الحاكم حالياً وإزالته، وكشف عن اختلافهم معهم في ما يتصل بالدستور حينما اتفقوا على جعله لا إسلامياً ولا مدنياً، وإنما (بين بين) والتي تعني في السياسة بأنه (لا ديني)، وقد يكون مناوئاً للدين أو مجافياً له، وأضاف: “فاختلفنا وأرادوا التصفية كما يحدث في الثورات وهو أمر حدث بعدها” وأرادوا تطبيق التطهير منذ الآن وقبل إسقاطهم للنظام، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضعف آخر بالحكومة جعلها تضطر لقبول الحوار.
ورداً على ما يقال بأنه يسعى عبر الحوار لإعادة تجميع ووحدة الحركة الإسلامية، مجدداً مرة أخرى فقال: “وطبعاً الغربيون في هلع من أنني شهدت بعد خمسة عشر عاماً حديثاً فقط للرئيس عن الحوار.. هم لا يريدون ديناً في البحر الأبيض المتوسط فالذي فاز في الانتخابات الشرعية يأمر أحد الضباط الذي تربى عندهم بأن يستولى على السلطان.. وحتى في سوريا لا يريدون أن يخلفه إسلامي”، وعزا قبول أطراف من المعارضة بالحوار بسبب عجزهم في إسقاط النظام، فضلاً عن الخوف على البلاد من التمزق والاحتراق والاحتراب، كما يحدث في الصومال.
جدل الانتخابات
وكشف الترابي خلال حديثه عن إثارتهم خلال لقائهم برئيس الجمهورية المشير عمر البشير قضية الانتخابات، مبيناً أن البشير عزا التمسك بإقامتها باعتبارها مرتبطة بشرعية دستورية، وأجل قانوني منصوص عليه بالدستور وقانون الانتخابات، مما قد يترتب على عدم إقامتها إسقاط مشروعية الرئيس والولاة وكل المجالس النيابية القومية والولائية، وذكر أنهم أخبروا البشير بضرورة المضي بالدستور الحالي إلى أن يتوصلوا إلى اتفاق على تعديله.
وفي ما يتصل بتعديل قانون الانتخابات مؤخراً، فقد اعتبر تلك التعديلات تحركاً من (الوطني) صوب المعارضة، بجعلهم القوائم النسبية قومية وليست ولائية، ومنحهم النساء ثلث المقاعد وإلغائهم شرط الحاجز الانتخابي لتمثيل القوائم الحزبية ولكنه استدرك قائلاً: “قلنا لهم لو أنكم تشاورتم معنا لما فصلنا النساء في قائمة واحدة، لأن ربنا خلقهما من نفس واحد وقلنا لهم لماذا تفصلوهن لوحدهن من الرجال، وليس لهن مجلس تشريعي خاص بهن ولا يلدن بنات وحسب ونحن الرجال نلد أولاداً فحسب.. فإذا كانت نصف القائمة المطلوبة فلا تقبل القائمة إلا إذا كانت مرتبة (أنثى فذكر أنثى فذكر)، وإذا أردت الثلثين يتم ترتيبها (أنثى أنثى فذكر) وهكذا. وبخصوص الولاة فقلنا لهم إن يكون الولاة منتخبين كرئيس الجمهورية بالأغلبية (50%+1)، وهذا الأمر على مستوى الدوائر الجغرافية التي تشهد تقديم أكثر من 30 مرشحاً إذ لا يفوز إلا المرشح الفائز على الأغلبية أو تقام دورة ثانية بين أعلى المتنافسين أصواتاً”، وطبقاً للترابي فإن البشير قال لهم يومها”. إذا اتفقنا على شيء سنتهي إليه”، وأردف الترابي: “ولكن يومها لم يقل إنه يرضى بذلك آو لا يرضى”.
واعتبر الترابي أن الانتخابات التي كانت تجري في الماضي خلال الأنظمة الديمقراطية كان تصويت الناخبين فيها يكون للرموز الانتخابية كالقطية، فقط لأنها رمز (مولانا) دون أن يعطوا أنفسهم فرصة ليعرفوا ماذا تحتها، معرباً عن أمله في أن يأتي يوم على البلاد لا تكون الحملة الانتخابية فيها على أساس ابن الشيخ أو القبيلة أو من يزور الناس ببيوت البكاء العزاء – أو يجامل في الأفراح ويختار الناخبون من يمثل إرادتهم في الحكم والاقتصاد والعلاقات الخارجية وهو أمر يمكن بلوغه بعد دورات انتخابية، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية ليست حرة بشكل كامل نتيجة لتأثر ناخيبها بمجموعة من القيم الدينية.
تقرير: إبراهيم عبد الغفار
صحيفة الصيحة
ت.أ