منصور الصويم

أساطير


[JUSTIFY]
أساطير

يحكى أن أياما قلائل تفصلنا عن نهاية هذا العام وبداية العام الجديد، والاحتفال بأعياد الاستقلال والجلاء مثلما يحدث كل عام منذ 57 عاما بعد خروج الإنجليزي المصري وحلول (السوداني) مكانهما في موقعه الطبيعي. سنوات طويلة مضت وبعد كل عام ينصرم يتفاءل ويأمل السودانيون بأن يكون العام الذي يليه أفضل حالا وأكثر استقرارا وأمنا وأن يتحقق فيه القليل من (أحلام) الاستقلال والسودنة و(النضال) والثورة. هذا العام (2013) وهو ينقضي يكاد يطوي معه أفظع المرارات التي (هبشت) السودانيين وجعلتهم يحسون أنهم بعد كل هذه السنوات وكأنهم يتدحرجون إلى الوراء آلاف السنين وليس نصف قرن فقط، مفتقدين كل ما يمكن أن يجعل لهم صلة بالحاضر في واقعه الحضاري لدى دول أخرى من حولهم بدأت مسيرتها في الاستقلال بعد السودان بأعوام طوال. كل الأشياء تدهورت والجميع بات في (السهلة).

قال الراوي: سيكون الاحتفال هذا العام مرا على الدولتين، دولة السودان الشمالي القديم، ودولة السودان الجنوبي الجديدة، فالبلدان تدهورت (الأحوال) فيهما بصورة يعجز أي مراقب مهما كانت درجة تشاؤمه على تصورها، أو على التنبؤ بتحققها بهذه السرعة. السودان الشمالي، كل شيء فيه مرشح للانهيار، اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وليس هناك ما يطمئن أن العام الجديد (2014) سوف يحمل بشريات (الحلول) للأزمات العالقة والمتكونة في كل يوم على كافة المستويات. السودان الجنوبي (خذل) الجميع وحقق توقعات (الواقعيين) بأنه لن ينتج إلا دولة فاشلة خرجت من رحم دولة فاشلة، الحرب اشتعلت و(تفاقمت) والكل في (حيص بيص) الآن.

قال الراوي: هل سيحتفل الناس (السودانيون) شمالا وجنوبا بأعياد الاستقلال هذا العام، بذات الأمل والفرحة السنوية؟ هل سوف يمكنهم متابعة البرامج التلفزيونية (التسجيلية) التي تقدم (مسيرة) الاستقلال، وتعرض تقارير مصورة تعكس جانبا من (اللحظة التاريخية) لهذا الاستقلال؛ إنزال العلم، نشيد يا “غريب يلا بلدك”، أناشيد وردي الحماسية، دبكة من داخل البرلمان، المشاهد والصور أبيض وأسود لسودانيي ذلك الزمن وهم مفعمون بالأمل والأحلام.. هل سيحتفل أحد ما بـ (الاستقلال)، دون إحساس بالخجل والتفريط وربما الندم، على هذه السنوات التي ضاعت هدرا دون أن يتحقق شيء، أو بتحقيق الكثير من الفشل والإهلاك والدمار؟

ختم الراوي؛ قال: يحيا الإنسان بالأمل، وبالعزيمة تمضي الحياة، لذا يحق لنا الاحتفال.

استدرك الراوي؛ قال: ليكن احتفالنا هذا العام، جردا كاملا لفشل السنوات الخمسين ونيف.. ثم تمضي الحياة

أساطير صغيرة: صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]