فدوى موسى

أعربت عن قلقي!


[JUSTIFY]
أعربت عن قلقي!

في ليلة نهاية السنة واستقبال العام الجديد تبدو الحياة متسارعة الايقاع ومزدحمة، وكان الناس على شفا نهايات الأشياء، ولكن الشاهد أن الحركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في حالة نشاط زائد، احتفاء واحتفالاً بالحظات لا تنسى في الحياة.. (آخر لحظة) رصدت اكتظاظ محلات الهدايا، حيث كل إنسان يختار ما يسعد به صديقه وحبيبه من هدية مميزة، وكذلك عبرت عين آخر لحظة محلات المخابز والحلويات التي تزينت بما لذ وطاب من الخبائز والتورتات وضاعفت من كمياتها في انتظار الزبائن المحتفلين برأس السنة، بينما استعدت المطاعم الشهيرة ذات الوجبات السريعة لليلة طويلة ستسهر فيها الخرطوم حتى الصباح، كذلك الصالات والنوادي التي حجزت طاولاتها استعداداً للحفلات الغنائية الترفيهية للفنانين الذين يتبارون في تقديم الأروع والأجمل، بينما استعد أصحاب السيارات المختلفة من حافلات وهايسات في مراكز التجمعات من حدائق وصالات ونوادي فالليلة موسم لن يتكرر إلا بعد مرور (12) شهراً.. كذلك أصحاب السيارات الليموزين وحتى الركشات في الأحياء الطرفية من العاصمة القومية والكل على شارع النيل المزدان بالأضواء.. لتعود الحياة بعدها إلى إيقاعها المعتاد وكل سنة والناس بخير.

مدموغة تلك العبارات المحفوظة على مدارات مختلفة حتى على مستوى الدول والعالم.. فعندما تحس دولة كبرى بأن هناك دولة (تحت خط إهتمامها) قد داست عليها أحداث وأحداث انفرط فيها عقد الأمن وانكشح الدم في الطرقات فإنها غالياً ما تعرب عن قلقها.. الأمر الذي لا يتناسب كثيراً مع فداحة الأحداث والمنطق.. ومن ذات التوجه العالمي مع اسقاط بعض الضرورات الخاصة.. أراني أنني (قلقة جداً) من دخول سلاح الجو اليوغندي في الصراع ما بين مشار وحكومة الجنوب.. ربما لارتباط بالخاطر أن الضرب الجوي هذا يخلف من الدمار ما يصعب إعادته ما بين ليلة وضحاها.. وذات الإحساس (المقلق) الذي يتعامل به العالم الأول تجاه سوريا وقوات الأسد تقصفها بالبراميل من الجو.. ذات الخوف من الأدوار التي تتطلع بها بعض دول الجوار في الشأن الجنوبي بينما نحن (فراجة) والأصل أن يكون لنا قدراً من الرأي الإقليمي بحكم امتيازات كثيرة… خاصة وأننا الدولة الأم التي تبرعمت منها (الوليدة).. خاصة وأننا ننظر لأي مقترح أو رؤية تجاه الجنوب من باب المخافة والخشية من المنظومة الدولية.. ويحزننا أن يسهل التدخل على الدولة الوليدة، الشيء الذي يعطي مؤشرات بأنها أرض صالحة للنهب والاستلاب مادام أهلها يمهدون لذلك بالتصارع والاحتراب وإهدار دماء الشعب، حيث أن في لحظة ما يرخص الدم لحد أن لا يعرف القاتل لماذا قتل المقتول.. أليست هي إعراب عن قلق؟! والناظر للجارة يوغندا يلمس مدى حرصها على أن تكون حاضرة في الملف الجنوبي .. بل أن مصير الشعب الجنوبي له داخلات مباشرة معها.. حتى مقتل رئيس الحركة الشعبية ارتبط بهذه الدولة حيث كانت تنقله طائرة يوغندية رئاسية.. والشاهد أن دولة جنوب السودان تشهد حميمة دولية وإقليمية (ربما أعلى من إعراب القلق) يلاحظ ذلك في تواتر الجهات التي أبدت رغبتها في تهدئة الأوضاع ولعب دور الوسيط.. المهم في الأمر هل ستعي النخبة الجنوبية المخاطر المحدقة ببلادها.. حيث أن أطماع الأفارقة فيها ليس بالهين.. قد كشف الصراع في الجنوب مدى ارتياب السودان من المنظومة الدولية في المساهمة الجادة في حسم الأمر.. أين تلك المؤشرات الطيبة لحسن النوايا التي أذيع أنها دمغت العلاقة بين الحكومتين وعلى خلفيتها تعشم الناس أن تكون مقدمة لعلاقة سوية بين الدولتين.. (مقدارنا) ومقدار احترام دولتنا كنا نود لو رأيناه في إسهام السودان في ملف ما يدور الآن هناك.. كان لابد أن يكون السودان هو الأول دائماً ارتكازاً على مكونات محددة..

آخر الكلام:

لذلك نعرب عن قلقنا من أي أمر.. فكثرة الأوضاع المحاذيرية التي نعيشها تقلل الكثير من أدوارنا الإقليمية دع عنك العالمية التي نكتفي كثيراً فيها بنبوغ بعض (وليداتنا) في مجالات مختلفة لعلها السلوى التي نعزي بها أنفسنا!!.

سياج : صحيفة آخر لحظة [/JUSTIFY]