تحقيقات وتقارير
(فرعنة) من بعض المؤسسات التي رفضت المراجعة والله أعلم ما تحمله حساباتها من مصائب
لا تزال أموال الشعب تنهب ولا يزال المنهج الذي تدار به البلاد هو نفسه.. تقرير المراجع العام كالعادة سجل تعدياً على المال العام و(فرعنة) من بعض المؤسسات التي رفضت المراجعة والله أعلم ما تحمله حساباتها من مصائب.. هنا في ولاية الخرطوم أجاز المجلس التشريعي للولاية تقرير لجنة الشؤون المالية بالمجلس على الرغم من التجاوزات الخطيرة التي وردت بتقرير المراجع العام والتي حددها المجلس بـ(63) حالة بعيداً عنها الشركات التي رفضت المراجعة(4شركات) وهيئة مياه ولاية الخرطوم التي لم تقدم حساباتها للمراجع.. وهنا انهار شعار(لا كبير على القانون).!
انتفض عدد من نواب المجلس التشريعي وشنوا هجوماً شرساً على المجلس لإجازته التقرير بكل تجاوزاته.. وطالبوا المجلس بفتح بلاغات جنائية ضد المعتدين على أموال الشعب لأن الأمر أصبح متكرراً.. مشروع نظافة ولاية الخرطوم وجد النصيب الأكبر من الغضب.. النواب كشفوا عن صرف مليارات الجنيهات على المشروع دون ضوابط.. وتزوير في سجل عمال النظافة بوجود أسماء وهمية وأخرى دون سجلات.. العجيب في الأمر أن الولاية تغرق وسط النفايات ولا حياة لمن تنادي.!
كيف يمكن لبلاد تعاني مؤسساتها من العجز في تطبيق الـ(system) وفرض القوانين الخروج من أزماتها.. وكيف يمكن لشعب يعيش وسط كل هذه الفوضى أن ينعم يوماً بالرخاء والحرية.. إذا فقدت الحكومة بوصلتها نحو الاتجاه الصحيح في قيادة البلاد.. أين الأحزاب السياسية، وأين منظمات المجتمع المدني، واين الاصوات الرقابية الأخرى. وأين الشعب( صاحب الجلد والرأس)..!
المشكلة لا تكمن فقط في تقرير المراجع العام الذي يصدر كل عام بنفس التجاوزات أو أزيد قليلاً.. أضواء الخطر الحمراء تضاء كل يوم في أحد جوانب الدولة وأعمدتها ومؤسساتها الهامة.. لا يزال نهر دماء الشعب السوداني يتدفق على أراضيه التي يبست من الخضرة في بعض ولاياته الحدودية.. ولا يزال السلاح بأيدي مليشيات( متعددة) بعيداً عن أجهزة الدولة النظامية المعروفة الأمر الذي ينذر بالخطر.. وزارة الصحة تذكر أرقاماً مخيفة لحالات الإصابة بفيروس الأيدز بالولاية، والسادة البرلمانيون يطالبون الشعب السوداني بالتضرع لله حتى لا يداهم فيروس الأيبولا القاتل دولتنا البسيطة التي تعجز وزارة الصحة فيها عن صد هجمات الباعوض ودحر الملاريا التي أصبحت وباءً تعايش معه الشعب منذ سنوات طوال يختطف أرواح البعض ويواصل البعض الآخر حياته بالعقاقير والمسكنات حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً..!!
غير أن الكل منصرف عن متابعة هذه الأمور بالمفاوضات في أديس.. وفود من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تشد رحالها الى هناك وأخرى تعود لتعيد الكرة مرة أخرى.. حتى أئمة المساجد الذين كانوا يعلو صوت البعض منهم.. خفتت هذه الأصوات وسكت البعض الآخر وأصبحنا لا نسمع الا صوت المفاوضات الجارية في أديس مع بعض العشرات من وسط ملايين الشعب السوداني الذين ينظرون في الأفق في انتظار الفرج ..الفرج بدوران عجلة الدولة وعودة الإنتاج والصادر وتعافي الجنيه السوداني والقضاء على الفساد والمفسدين.. غير أن البلاد تغرق وأموال الشعب لا تزال تنهب والكل منصرف نحو المفاوضات.
هويدا سرالختم : صحيفة الجريدة
ي.ع