نعم . . يا سيّد الأحلام الكبيرة . ( 03 )

ظلّ بومدين يناقشنا لساعتين دون توقف ، مدافعًا عن وجهة نظره ، بضرورة تجنيد الفتاة الجزائرية ، التي من حق الجزائر عليها أن تؤدّي خدمتها العسكرية مثل الشُبّان . وكانت الفتيات يتحججن بتوقيت الخدمة العسكرية ، الذي لو جاء قبل الجامعة فسيؤخّر تخرّجهن ، ولو جاء بعدها فسيؤخّر زواجهن ! فيردّ بومدين ” عندما تتخرّج فتاة من الجامعة ، تكون الدولة قد أنفقت عليها عشرين سنة من التعليم المجاني .. فبأيّ حق يترك رجلٌ هذه المرأة في البيت مضيّعا الاستثمار الذي وضعته فيها الجزائر ؟ ” .
ثم تقول أخرى” إن المرأة ليست مهيّأة جسدياً لتؤدّي مهام عسكريّة ” ، فيبتسم بومدين ثم يرد ” إن هذا لم يمنع نساء الجيل الماضي من الالتحاق بالمجاهدين في الجبال ! ” . فلا تجد الفتيات سوى الآباء و الأهل ، ملاذا أخيرا وذريعة للرفض ، فيحزن بومدين ، الذي كان قد مضى بعيدا في دراسة الأمر والتخطيط له ، لكنه وجد نفسه ضد مشيئة المرأة نفسها ، أذكر أنه قال بمرارة ” قُلن نعم وأنا أتكفّل بإقناع أبائكن ” .
كنّا أصغر من أن نعي أنّنا في حضرة التاريخ ، و أنّ الرجل الذي كان يستجدي منّا على استحياء تحقيق أحد أحلامه الوطنيّة ، ويعدُنا بإقناع آبائنا بحلمه ذاك ، كان في الواقع أب الجزائر ، أدركنا ذلك لاحقًا عندما غدَونا بعده لأجيال يتامى.
رحل بومدين الكبير مخذولاً بأعذارنا الصغيرة ، وتركنا للندم . متأخرًا أقول له ” نعم ” صدقتَ يا سيّد الأحلام الكبيرة . الجزائر تحتاج إلى رجالها الشرفاء ، وإلى حرائرها أيضاً . لو تدري كم نفتقدك وكم أحببناك يا رجل ! .
[/SIZE]
الكاتب : أحلام مستغانمي



