تمجيد الهزائم

بعد النكسة في حزيران.. جا جمال عبد الناصر زيارة للسودان.. يجرجر أذيال الهزيمة.. هزيمة أمة.. بأكملها.. أمام شوية عصابات من الصهاينة.. شوية يهود ملقطين من هنا ومن هنا.. جاين من ثقافات مختلفة ومتابينة.. وهزمو أمة قاعدة تتغنى باشعار عنترة العبسي.. وشجاعة العرب العاربة والعرب المستعبرة وعييييك.. وحكايات أبزيد الهلالي.. والفارس البي يقود تسعين.. استقبلت جماهير الشعب السوداني الرئيس جمال كأنو (رمى إسرائيل في البحر) زي ما كان بيقول طوااااااالي.. وزي ما كان الإعلام المصري أثناء المعركة يصور لنا أن الجيش المصري عدّم إسرائيل نفاخ النار وقرضهم جت.. كل خمسة دقايق “هنا القاهرة.. أسقطت قواتنا الباسلة عشرين طيارة” نسكت شوية “هنا القاهرة اسقطت قواتنا الباسلة تلاتين طيارة”.. وحسمت إسرائيل المعركة في ستة أيام.. وقررررربت تدخل القاهرة.. ويا الله ويا أمين مرقوها من بور سعيد.. احتلت قطاع غزة وسيناء.. وبهناك احتلت الضفة.. والجولان.. كانت إسرائيل تحارب على تلاتة جبهات والتلاتة انتصرت فيهن.. واستقال جمال.. وخرج المصرين او اخرجو رافضين الاستقالة.. لم يحاكم اي من الذين كانو سبب في الهزيمة.. لا جمال ولا الملك حسين ولا الأتاسي.. بل كانو ابطال.. ابطال الهزيمة.. ودلعو الهزيمة وسموها نكسة.. جانا جمال هنا قابلوه العميان شايل المكسر.. نحن في دي ناس واجب.. قابل الشعب السوداني جمال ولسان حاله يقول لي جمال “الجاتك في مالك سامحتك.. ويا زول بركة الما احتلو القاهرة”.. نحن شعب نحتفي ونفتخر بالهزائم.. ونمجد المنهزمين والمهزومين “كرري تتحدث عن رجال كالاسود الضارية.” وكضابين كمان.. “خاضو اللهيب وشتتو كتل الغزاة الباغية.. ما لان فرسان لنا بل فرّ جمع الطاغية”.. عليكم الله في كرري الاشتت منو.. والفرّ منو؟ يساككو فيهم من أمدرمان لي أم دبيكرات. .. بعد مرات قلبي يحدسني واقول النشيد دا معمول للجيش الانجليزي ما لجيش المهدية.. وخصوصا حِتة “فرّ جمع الطاغية”. لو النضم الفي النشيد دا حصل.. ما كان أُستعمرنا اكتر من خمسين سنة.. نعم استبسل الأبطال في كرري .. لكن انهزمو هزيمة ما بعدها هزيمة وانهارت دولة بأكملها.. عشان نصلح نفسنا لازم نعترف بالهزائم ولا نمجدها حتى تنقلب في دواخلنا الي نصر مؤزر.. وتصبح من عاداتنا الفرح بالهزيمة ونركن اليها في كل شي.. ما عندي كبير غرض بالكورة.. لكن مباراة المريخ ضد باير ميونخ.. كانت بالنسبة لي حدث قومي ويستوجب مني ان اتابعه.. حضرت المباراة.. وشاهدتها.. ولادنا لعبو سمح.. وما قصرو.. لكن انهزمو.. اتنين صفر.. الهزيمة هي الهزيمة.. العبرة في النتائج .. والاداء الجيد لا يبرر قبولنا للهزيمة واللاحتفاء بها.. ونزغرد ليها.. حتى لو كان من نقارعه هو بطل العالم في الكورة.. وحتى لو هزم.. عشرين فريق قبالنا.. ونقعد نسلي نفسنا بانو”داك الليلة غلب فلان الاقوى مننا.. وداك الليلة غلب علان الالعب مننا”.. نقعد في الواطا دي نناقش سبب هزيمتنا.. وعيوبنا وين.. ؟ عشان نبقى كويسين.. ولما نقابل ريال مدريد نغلبو خمسة صفر.. واللا نضمي ما اياهو؟
[/JUSTIFY]الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي