تحقيقات وتقارير

نساء من بلادي سيرة عزيزة مكي.. أدوار تاريخية ومواقف وطنية


[JUSTIFY]أعلن الدكتور محمد النويهي مدرس اللغة العربية بجامعة الخرطوم (مصري الجنسية) عن مسابقة في جريدة الصراحة عن دور المرأة في تطور المجتمع شاركت في تلك المسابقة، وفازت بها ونادت فيها بضرورة تنظيم نسائي لرعاية مصالح شؤون المرأة الذي لم يكن موجوداً في ذلك الحين، وإنما كانت هناك رابطة الفتيات المثقفات السودانيات التي تكونت سنة (1947)م بعد عام من تكوينها كان من الطبيعي أن تعرض الفكرة على صديقاتها بمدرسة المليك اللائي وافقن وتم الاتفاق على الاجتماع بمنزلها لتكوين هذا التنظيم النسائي الذي كان الاتحاد النسائي وإعلان لجنته التنفيذية في (17) يناير (1952)م، الذي رحَّب الشيخ أبوبكر المليك بأن تكون مدارس المليك مقراً للاتحادي النسائي، وكان من انضم من للاتحاد في أول اجتماع الذي حدد لوضع الخطوط الأساسية للدستور والبرنامج فاطمة أحمد إبراهيم وسعاد الفاتح، والذي شهد حضورا كثيفاً لأكثر من (300) امرأة في (31) يناير (1952)م.

أم الطالبات

رفيقة دربها الأستاذة حاجة كاشف بدري، أكدت أن عزيزة كانت عضواً ناشطاً في الاتحاد النسائي من داخل السودان وخارجه وتميز عملها بالجرأة والحماس، فكانت مع زميلتها نفيسة أحمد الأمين أول من أنشأ ركناً للمرأة بالإذاعة السودانية في وقت كان فيه أغلبية النساء السودانيات لا يسمح لهن بالإشتراك بالإذاعة، بالإضافة إلى أن عزيزة كانت تكلف بأغلبية المقابلات الرسمية مع كبار المسؤولين عندما يتطلب الأمر ذلك، أما خارج الحدود قالت حاجة كاشف إن عزيزة نشطت عندما كانت في القاهرة مع المنظمات النسائية هناك تدافع عن المرأة السودانية والعربية وتنادي بحقوقها كاملة، إلى جانب ذلك أنشأت كثيراً من فروع الاتحاد النسائي السوداني في مصر، حتى أوصلت فروع الاتحاد النسائي إلى منطقة الجبل الأخضر. ومن خلال عملها مشرفة لشؤون الطالبات بمصر، قالت كاشف: لا نريد أن نكرر ما تقوله ممثلات الطالبات في هذه المناسبة بل أكتفي بالتركيز على الرعاية الشخصية، رعاية الأم لأبنائها التي كانت توفرها عزيزة للطالبات من خلال عملها ومن خلال بيتها.

بلا كلل أو ملل

ويسترجع منذر أبو المعالي ذكرياته مع أسرته، وقال نحن أربعة إخوة، ولدان وبنتان، وكان والدي كثير السفر ويتركنا مع والدتنا، وكانت تشرف علينا وتراعينا إلى حين عودته دون أن تكل أو تمل، وتحملت الكثير حتى في بلاد الغربة عندما كنا في مصر من العام (1961)م، وحتى بعد عودتنا إلى الخرطوم في العام (1984)م.

وقال منذر وهو يحس بطعم تلك الأيام: أنشأتنا والدتنا على أصول التربية، وهذا يرجع لكونها معلمة، فكانت تعمل بمعهد المعلمين مع مجموعة من أخواتها وصديقاتها رائدات الحركة النسوية في السودان، وكانت تتمتع بروح طيبة وحنونة، وكنا نستشيرها في كل شؤون حياتنا، وكانت حتى الرمق الأخير تشرف علينا وتراعينا، وتعاملنا معاملة واحدة لا تفرق بين البنت أو الولد.

وكانت عليها الرحمة تتميز بنشاطها الواسع وعلاقاتها الاجتماعية المتميزة، وأذكر عندما كنا في مصر كان لديها برنامج إذاعي، وكانت هي من تشرف على ترتيب الرحلات التعريفية إلى السودان لأبناء الجالية السودانية بمصر.

ولم تنقطع علاقتها بصديقاتها سعاد إبراهيم عيسى ومحاسن الجيلاني ومحاسن عبد العال، منذ أن وصلنا إلى السودان، فهم دائماً على تواصل مع بعضهم البعض، فكانوا يلتقون مرة كل شهر يناقشون أوضاع البلاد والقضايا الملحة الموجودة في الساحة سواء أكانت قضية اجتماعية أو اقتصادية، ويعملون على نشرها في الصحف.

ملجأ ومرجع

وقالت محاسن الجيلاني: إن عزيزة كانت أختاً وأعز صديقة “ودي الحاجة البتفق عليها كل الناس” وحقيقة اسم على مسمى رحمها الله وذي ما بيقولوا الناس “تقع في الحارة”، “كريمة، حنونة، صديقة صدوقة، معطاءة، متفانية محبة للجميع رحمها الله”.

بدأت علاقتنا في المرحلة الوسطى متينة و(100%)، ولم يحدث أن اختلفنا أو احتدم بيننا النقاش أو حتى افترقنا لأي سبب من الأسباب، فعلاقتنا إلى أن رحلت أخوات شقيقات، وكل يوم يمر عليها تزداد متانة وقوة وكانت المرجع والملجأ، نرجع لها في كل صغيرة وكبيرة ونستشيرها في كل أمورنا، وكنا مجموعة التفاهم يجمعها والتشاور والنقاش ديدنها.

وإلى أن أقعدها المرض في فراشه وصعبت عليها الحركة، لم تتوان في مواصلتنا فكانت عليها الرحمة تهاتفنا يومياً حتى تطمئن علينا وعلى صحتنا، وحين تتأخر في الاتصال نتصل نحن حتى نطمئن عليها وعلى صحتها افتقدناها واشتقنا لها ولصوتها الحنون الذي كان يبعث فينا الطمأنينة والأمل بأن القادم أفضل.

عزيزة كانت نشطة للغاية وشغفة للعمل الاجتماعي، بدأ نشاطها من صغرها، ولم ينقطع وتواصل حتى فترة وجودها في جمهورية مصر العربية، فكانت تجمع بين الجاليات السودانية هناك في ترابط وتوادد وتغرس فيهم حب الوطن، وكان بيتها دائماً مفتوحاً للناس لا يغلق أبداً، وقبلة للقاصي والداني، وتجرى فيه المقابلات والأنشطة الخاصة بالجمعية من مقابلات تلفزيونية ونشاطات مصاحبة.

بدأت علاقتي بعزيزة من المرحلة الأولية وتعمقت في الثانوي وامتدت حتى تأسيس الاتحاد النسائي السوداني، وطيلة معرفتي بها كانت تربطنا بالاتحاد النسائي من أجل قضايا المرأة السودانية، وحملت على عاتقها مسؤولية العمل وسط النساء وعملت جاهدة حتى تصل المرأة السودانية إلى ما وصلت إليه الآن من نهضة في قضايا الوطن والمرأة السودانية، من خلال ما قدمته للمرأة في العمل العام والمجتمع السوداني، ومازال أثره موجوداً إلى الآن.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]