رأي ومقالات
ابراهيم عثمان : دمعة تمساح !
تعتدي قوات التمرد على منطقة فيطير النوم من عينيه تلك الليلة حتى يتأكد أن الجيش و الدفاع الشعبي قد هُزِموا شر هزيمة و ليطمئن قلبه بأن القتلى و الأسرى كُثُر ، إن لم يكن هذا في قلبه حقاً فهو على الأقل ما تنقله كلماته بصورة واضحة لا لبس فيها ، و في اليوم التالي ترى كلماته تفيض بالحزن على الشهداء الذين كان لحظة المعركة ينصر قاتلهم و يحتفل مع المتمردين بأن عددهم كان كبيراً إلى الدرجة التي سمحت بأن يكون هناك عدد من معارفه من بين الشهداء ! و في قضية الأسرى ترى منه العجب العُجاب ، فهو يظن أن الأسير الذي لم ينصره و لو بكلمة قبل أن يقع في الأسر بل حرّض عليه و شجع و لا زال يشجِّع آسره ، يظنه في موقف الضعف و هو بين يدي أعدائه لذلك فهو يظن أنه على استعداد لأن تختل لديه الموازين ليرى أن من كان له سهمٌ في أسره هو حبيبه الذي يسعى لتحريره لأن من قاتل معهم و الذين لا زالوا يقاتلون قد قصروا و باعوه ! إن كان هؤلاء قد قصروا – و لا أظنهم فعلوا – و بسبب تقصيرهم تأخر إطلاق سراح الأسرى ، فإنه هو لم يقصِّر في التسبب بطريقة أو أخرى في أسرهم إبتداءً ، فقد تابعناه يقوم بمهمة الإسناد المعنوي للتمرد و التخذيل عنه فلا أظنه سيبخل عليه بمعلومة يمتلكها عن تحرك القوات يوصلها سراً خاصةً و أن ما كان ينشره علناً لم يكن يخلو من بعض المعلومات . ( الفقرة هذه ليست تعليقاً على المبادرة الكريمة للسائحون لإطلاق الأسرى و لكنها عن أؤلئك الذين كانوا و لا زالوا يدعمون التمرد علناً ) . لا تصدقوا أن عيناً سهرت محتفلة مع المتمردين ستبكي حزناً على شهيد أو شفقة على أسير .
( لا مرحباً بالحلول الأمنية ) عبارة تقرأها بصياغات مختلفة فقط عندما يكون التمرد محاصراً أو يتم تحرير منطقة منه ، و تغيب تماماً عندما تهجم قوات التمرد على منطقة ، و ساعتها هو لا يكتفي بالترويج لإنتصارات التمرد في تلك المنطقة بل و يروج لشائعاته عن محاصرة مناطق أخرى . و الحل الأمني ساعتها هو الحل الوحيد . المبادئ الكبرى التي يقول أنه ينطلق منها هي أول ما يدوسه عندما تعترض طريقه و تقف بينه و بين نصرة جماعته المتمردين ، المدنيون عنده صنفان : صنف يروج أن الطائرات تستهدفه حتى مع علمه أن الطائرات ليس من مصلحتها ترك الإرهابي المتمرد و استعداء المدني المسالم ، و صنف يسكت عن استهدافه و تهجيره و قتله متعامياً عن الحقيقة المؤكدة و هي أن الجيش لا يهاجم منطقة إلا إذا كان هناك تواجد لقوات التمرد فيها و أن التمرد لا يهاجم منطقة إلا إذا ضمن خلوها من الجيش أو ضعف الوجود الأمني فيها ، فالجيش يطارد المتمردين و هؤلاء يتفادون الجيش ما استطاعوا ، و لدينا الأمثلة في في أم روابة و أبو كرشولا ، فالمتمردون استغلوا غياب أو ضعف الوجود الأمني و دخلوا هذه المناطق فماذا فعلوا ؟ قتلوا و خربوا الكهرباء و المياه و الإتصالات و نهبوا البيوت و الأسواق بعد تشريد المواطنين ، المنطق الذي ينطلق منه هؤلاء يقول بأنه يجب ألا يهاجم الجيش أي منطقة يحتلها المتمردون طالما كان هنالك مدنيون و لكن نفس هؤلاء المتمردين من حقهم أن ينطلقوا من مناطق سيطرتهم تلك و يهاجموا المناطق الخالية من الجيش و يقتلوا و يخربوا و يهربوا ليحتموا بهؤلاء المدنيين . رغم أن الصورة واضحة كالشمس في رابعة النهار ، فالجيش من واجبه أن يؤمن المدن و القرى من هجمات هذه الجماعات الإرهابية و أن يحرر المدنييين المأسورين لديها و أي تقصير منه في فعل ذلك يجعل الملايين من المدنيين عرضة لهجمات هؤلاء . الصورة الحقيقية هي جيش يطارد المتمردين و يكف أذاهم و متمردون إرهابيون استهداف المدنيين و الإستفراد بهم هو عملهم الأساسي . فما الذي استفادته أبو كرشولا من فعائل التمرد ؟ الفرقعة الإعلامية و المكسب السياسي اللحظي يجعل المتمردين يدخلون في مغامرات يعرفون سلفاً أنها فاشلة و لن تدوم فيهربون تاركين قتلاهم و مخلفين وراءهم الخراب الشامل ، لا تصدقوا دموع التماسيح على المدنيين ( الذين يريدهم درع أبدي يحتمي به التمرد ) التي تسيل من عيون طالما تعامت عن معاناة مدنيين آخرين كان استهدافهم هو الأصل .
إبراهيم عثمان
[/JUSTIFY]