مزمل ابوالقاسم :القصر الجديد

* هل نحن بحاجة إلى قصر رئاسي جديد؟
*سؤال طرحه كثيرون، وقرنوه بالحديث عن الحالة العامة للبلد، والوضع المتردي للاقتصاد، وأفتوا بأن الأولوية ليست لتشييد القصور، وعدوا بناء القصر الجديد ترفاً غير مبرر.
* مع تقديرنا لكل تلك الآراء، إلا أننا نرى أن القصر الرئاسي الذي بدأ الإنجليز بناءه في العام 1830 ليصبح مقراً للحكمدار بدءاً والحاكم العام لاحقاً شاخ، وما عاد قادراً على استضافة أنشطة رئاسة الجمهورية واستقبال ضيوف البلاد من القادة والرؤساء الأجانب، وأصبحت الحاجة لبناء قصر رئاسي جديد ماسة للغاية.
* فوق ذلك كله فإن بناء القصر الجديد لم يكلف خزانة حكومة السودان شيئاً، لأن الصينيين تبرعوا ببنائه بمنحةٍ كريمةٍ، تشبه تلك التي قدمتها لنا الحكومة الصينية على أيام الرئيس الراحل جعفر نميري ببناء قاعة الصداقة.
* تم تشييد القصر الجديد بذات الطريقة التي تبرعت بها حكومة كوريا الشمالية ببناء قصر الشباب والأطفال، وقدمته هدية لشعب السودان، فساهم في تأهيل آلاف الحرفيين، وعلم الكثيرين مبادئ الموسيقى والدراما، واستضاف العديد من الأنشطة الرياضية والشبابية والثقافية، واحتضنت صالة الألعاب الرياضية الملحقة به أنشطة فرق الكرة الطائرة وكرة اليد عشرات السنوات.
* من قبل تبرعت الحكومة الرومانية بتشييد المقر الحالي للبرلمان، مثلما تبرع سمو الشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة ببناء قاعة الشارقة الجميلة، وقدمها هدية لجامعة الخرطوم.
* خلال زياراتنا المتكررة للقصر الجمهوري لاحظنا أنه بدأ في التداعي، وظهرت عليه كل (أعراض الشيخوخة) من الداخل والخارج، وبدت قاعاته كئيبة المنظر، لأن ضغط العمل اليومي فيها لم يمكن القائمين على أمر القصر من صيانته وتأهيله كما ينبغي.
* لذلك نرى أن قرار نقل أنشطة الرئاسة إلى القصر الجديد، وإغلاق القديم توطئة لصيانته وتحويله إلى متحف توجه صائب وموفق، من شأنه أن يحفظ المبنى التاريخي المهم من التأثر بعاديات الزمن، ويجعله يستعيد بعض شبابه الغابر.
* من الأهمية بمكان استيعاب حقيقة أن القصر الجديد لا يخص الرئيس الحالي، وأنه سيبقى ملكاً حراً لشعب السودان، ليحتضن أنشطة كل الرؤساء الذين سيتعاقبون على حكم البلاد مستقبلاً، بذات النهج الذي احتضن به القصر القديم أنشطة حكام السودان منذ عهود ما قبل الاستقلال وحتى اللحظة.
* تلك الأيام نداولها بين الناس.
* خلال زيارة الرئيس لمصر الشقيقة قبل شهور من الآن تم استقبال الوفد في قصر الاتحادية، وتخصيص قصر القبة للإقامة، بأجنحته الملكية الجميلة، وغرفه الفخمة، ومشتملاته التي تحظى بعناية فائقة، عبر طاقم خدمة وصيانة مؤهل لأداء مهمته بأعلى درجات الاتقان.
* الحديث نفسه ينطبق على كل القصور الرئاسية المهمة في مصر، والتي أخرج منها الشعب المصري ساكنيها بثوراته الشهيرة، بدءاً بثورة يوليو التي أقصت الملك، مروراً بثورة 25 مايو التي أبعدت مبارك بعد أن عمّر في الحكم أكثر من ثلاثة عقود، وانتهاءً بما حدث بعد الانتخابات التي أتت بمرسي رئيساً قبل أن يتحول إلى السجن حبيساً.
* القصر الجديد جميل، ومنفذ بطريقة أكثر من رائعة، لكنا تمنينا لو أنه اشتمل على أجنحة مخصصة لإقامة الوفود الرسمية، لأن ذلك كان من شأنه أن يقلص تكاليف الاستضافة، ويسهل التأمين.
* فقط نتساءل: هل سيحظى القصر الجديد بعنايةً تحفظ شبابه، وخدمةً تليق بالأبهة التي شاهدناها فيه خلال ليلة الافتتاح؟
* أشك في ذلك!!
اليوم التالي






