رأي ومقالات

مزمل ابوالقاسم : إعلان حسبو

* بالأمس حرصنا على تلبية الدعوة التي وجهها الأستاذ حسبو محمد عبد الرحمن، نائب رئيس الجمهورية لرؤساء تحرير الصحف السياسية وقادة الأجهزة الإعلامية، في لقاءٍ منتج، حوى تفاصيل مهمة، وقضايا حيوية، تستحق أن توضع على طاولة البحث، تعليقاً وتمحيصاً وتحليلاً.

* أهم ما ذكره نائب رئيس الجمهورية يتعلق بنفيه القاطع لما راج عن احتمال تأجيل الانتخابات، واعترافه بأن كثرة التنظيمات السياسية الموجودة في الساحة السياسية حالياً تصعب مهمة الساعين إلى إنتاج حلٍ ناجع للأزمة السياسية، علاوةً على ترحيبه بعودة الإمام الصادق المهدي، والتعهد بعدم اعتقاله بتهمة توقيع إعلان باريس الشهير مع الجبهة الثورية.

* الترحيب بالإمام، وفسح المجال أمامه للعودة قرار ينضح بالحكمة، ويستحق التنويه.

* التوجه الجديد جعلنا نحس بأن وراء الأكمة ما وراءها، لأن تغيير الموقف الحكومي من قمة التشدد والتلويح باعتقال الإمام ومحاكمته فور عودته إلى السودان، إلى التعهد بعدم ملاحقته يشير في باطنه إلى مساعٍ غير معلنة، تستهدف معالجة الأزمة بالحكمة.

* الصادق المهدي سياسي يستحق الاحترام، بغض النظر عما يرشح منه، لأنه ظل يتمسك بالخيار السلمي في معارضته للحكومة، نابذاً العنف، وداعياً إلى التغيير بالطرق السلمية، على مدى ربع قرنٍ من الزمان، على الرغم من أنه كان وما زال أحق خصوم الإنقاذ (بالغبن)، الذي قد يقود صاحبه إلى تبني مواقف تتسم بالعنف والتشدد.

* لم يحمل الإمام سلاحاً، ولم يسفك دماً، ولم يشرد نازحاً، ولم يدع إلى العنف مطلقاً، وبالتالي يصبح كل ما يصدر عنه مقبولاً مع التحفظ على مواقفه الأخيرة، والاعتراف بأنها أفقدته الكثير من ألقه السياسي، بسبب تخبط مواقفه، وكثرة قفزاته غير المحسوبة، وتنوع مناوراته غير المنتجة، وعلى رأسها توقيع إعلان باريس الذي لم يكسب منه حزب الأمة شيئاً ذا بال، بقدر ما أخفق في تسويقه للسودانيين، وفشل في إقناعهم بجدواه.

* نذكر قادة الحزب الحاكم بأن مبادرة الحوار الوطني التي طرحها السيد الرئيس في السادس من شهر أبريل للعام المنصرم استندت إلى ركائز أساسية، قوامها إطلاق حرية العمل السياسي، والسماح للأحزاب بممارسة أنشطتها، وإخلاء سبيل المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية الصحافة.

* من دون تعضيد تلك الركائز المهمة وتقويتها والتمسك بها تفقد المبادرة مصداقيتها، وتنعدم جدواها، لذلك استحسنا حديث الرئيس عن اعتزامه إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، واستعذبنا تعهد نائبه بعدم ملاحقة الإمام الصادق حال عودته إلى السودان.

* بخصوص حديث الأستاذ حسبو عن أن كثرة التنظيمات السياسية الموجودة في الساحة (زهاء التسعين حزباً) تصعب مساعي الحل السياسي، نذكر أن معالجة تلك الآفة المزعجة في متناول اليد، عبر تعديل قانون الأحزاب، وإزالة النصوص المتساهلة التي تتيح لتجار السياسة والمتطلعين بلا مؤهلات إنشاء أحزاب تفتقر إلى أبسط مقومات البقاء، ناهيك عن التطور.

* كتبنا في هذه المساحة مطالبين مراراً وتكراراً بضرورة إخضاع قانون الأحزاب لتعديلاتٍ مؤثرةٍ، تفضي إلى تكوين كيانات سياسية تستند إلى قواعد حقيقية، وقدرات فكرية ومادية وجماهيرية تؤهلها لحمل مسمى (أحزاب)، وتقضي على (الفكة) التي تناثرت وتكاثرت مثل (البروس)، لتعوق مساعي الوفاق الوطني، وتصعب مهام الساعين إلى إقرار حل ناجع لأزمات الوطن.

اليوم التالي