أبشر الماحي الصائم

الخرطوم هذا الصباح


[JUSTIFY]
الخرطوم هذا الصباح

*على جانب من شارع البلدية بالخرطوم تشهق منذ عقود من الزمان (عمارة المنظمة الزراعية العربية)، وهي تعد من أقدم العمارات بمنطقة شرق الخرطوم، تذهب طبقاتها المعمارية إلى ما يقارب السبع طبقات أو دون ذلك، الذي يعرفه العامة أن هذه العمارة قد نهضت منذ زمن سحيق بأمر من جامعة الدول العربية لمساعدة هذا البلد العضو المؤسسي للجامعة الذي هو السودان لتأمين الغذاء العربي.
*عقود بأكملها قد مرت على تأسيس هذه المؤسسة العربية، ولا نرى لها على الأرض أثراً، كما لا نسمع لها ذكراً في وسائل الإعلام، اللهم إلا عند وداع مدير انتهت مدة خدمته في السودان واستقبال مدير آخر، تعاقب نخبة من المديرين من كل الجنسيات العربية على إدارة هذه المنظمة، ولا جديد على الأرض البور البلقع.
*اليوم الأحد تحتضن قاعة الصداقة بالخرطوم محفلاً عربياً زراعياً شاهقاً يتقدمه المصري نبيل العربي معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية ونخبة من الأعضاء وجمهرة من وسائل الإعلام لإعادة النظر في الموضوع القديم الجدير إمكانية وإمكانيات السودان الزراعية وصناعة الأمن الغذائي العربي! قصة قديمة قدم الجامعة العربية.
*ربما لا تحتاج عنزان عربيتان لتنتطحا في أن مؤسستنا العربية الرسمية لا يخزلها المال والبنون وانما تخزلها الارادة ولا شيء غير الإرادة، فمجموعة دول الجامعة العربية لا سيما في شقها الخليجي تعتبر خزانة أموال هائلة، لكن غير مسموح لها أن تتدفق في الأرض السودانية!
*أحد الكتاب العرب ذكر في إحدى مقالاته الجهيرة بأن (ثمن ما تستورد به الدول العربية من لعب أطفال يكفي لصناعة نهضة زراعية هائلة في السودان تكفي ما تحتاجه الدول العربية مجتمعة!
*وللذين يقرأون بتنطع، إن عجز مؤسسة جامعة الدول العربية ليس ناتجاً عن تهاون طواقمها وضعف أماناتها، وإنما من ضعف النظام الرسمي العربي في هذه المرحلة الفاصلة، وقد لا تحفظ ذاكرتنا العربية أي إنتاج أو مكتسب ذي بأل لهذه الجامعة في الفترة الأخيرة، فعلى الأقل في هذه اللحظة التي تلتئم فيها فعاليات الجامعة بالخرطوم هنالك شلالات دم تسيل في سوريا والقاهرة نفسها وحضرموت وبلاد الرافدين وغيرها من العواصم العربية الجريحة النازفة وغاية جهد الجامعة رفع أزماتنا إلى جنيف، أو ترحيلها لجنيف لا فرق، وما تدركه الجامعة أو لا تدركه، هو أن أعداءنا الذين رفعنا إليهم أزماتنا لتسويتها، هم أنفسهم الذين صنعوها، والذين يريدون استمرارها! فيا أمة قد ضحكت من جهلها الأمم.
*هل تمتلك هذه النسخة من نسخ فعاليات الجامعة أذناً! نعم نحتاج إلى إذن من آخرين لكي نزرع، أي والله، فعلى الأقل إن أرصدتنا التي سنصنع بها هذه النهضة الزراعية المفترضة هي في بنوك الغرب، ونحتاج إلى جهد كبير لكي نسحب منها، أما لكي نحولها إلى السودان فهذا غير مسموح على الأقل بالدولار، قالها مرة بوضوح الرئيس مبارك (واشنطن لاتسمحش بذلك)!
*ضيوفنا الأكارم من العرب العاربة والعرب المستعربة لا نملك إلا أن نزجي لكم أسمى آيات الشكر والعرفان، فمجرد هبوطكم في هذه الأرض السودانية يعتبر مفخرة، فضلاً أن تحملوا بعض المشاعر لزراعتها والأشواق لفلاحتها.
*فنحن هنا ندفع بعض الثمن الباهظ لهذا الانتماء، فقد قالها أحد إخواننا الجنوبيين قبيل الانفصال تمنينا لدولتنا السودانية دائماً مقعد أفضل الأفارقة، لكن السودان في كل المرات اختار طوعاً مقعد أسوأ العرب!
*أتمنى لكم رحلة طيبة للخرطوم وعودة آمنة، أما للزراعة رب يحميها وينبتها ويسقيها..
تصبحون على خير..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي