الوعكة، العلة، المرض.. وما بينها

قال الرسول الكريم: “ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها”.
وقيل لإعرابي في مرضه “ما تشتهي؟ قال “الجنة”. قيل “أفلا ندعو طبيبا؟” قال “طبيبى هو الذي أمرضني”!.
لاسبوع ونصف كنت نهبا للحمى وأوجاع الروح والمفاصل والموات التام والعطس المتصل بلا انقطاع وفقدان الشهية، كان رأسى كميناء ترسو عليه السفائن، ولصدري صوت مثل شهقة (الرتينة) أحس بخور ووهن، وكان أكثر مايزعجني صوت التلفون ومرور الهواء على بدني الذي استعصم بغمده فأصبح خارج طاعتي!!.
في الليل حين أنام ذلك النوم (الخذاز) أرى في النوم كوابيسَ وأحلاما. حلمت في أيام العلة بالإمام الصادق المهدي، كنت أجلس معه داخل قطيته كنا نتجاذب سير الأفارقة العظماء أذكر منهم ما اتضح لي في المنام جليا. ديالو تيلي أول رئيس لمنظمة الوحدة الافريقية، لكن المنام لم يستمر طويلا فقد دخل على خط الكوابيس (عمي بلة العربجي) كان نموذج البوهيمية الفطرية في سوق أمدرمان في التسعينيات، ليس له أهل ولا أحد يعرف أين يسكن وليس له أولاد، كان طوال النهار يشرب الخمر من قنينة يحملها في جيب الصديري، لا صلة له بأي كائن حي الا بحصانه، بيد أنه يغازل الكائنات الحية من ذوات الثدى فحين يرى امرأة عائدة لبيتها من السوق يصيح بها (قسمتي الدم… شلتي الخفيف… وأحيتينا التقيل)! سبحان ربك ما الذي يجمع بين الإمام المهدي وبين (بلة العربجي) غير علتي التي أصابت البدن واللاشعور والمخيخ؟!!
في الأيام الثلاثة الاولى، ركنت للتطبب بالاعشاب في مؤازرة (للطب البديل) فأشارت لي جيهان بنت أختي إلى (اللبان العدني) وهاتفتني زوجتى من كندا موصية بحزمة وازنة بينها الفلفل والجنزبيل والليمون الناشف وأشارت لى بجلب حزم من (الرجلة) وسلقها بالماء والاستحمام بمائها المسلوق، وما إن فعلت ذلك بطواعية حتى أتاني في المنام (بلة العربجي)!.
لم تكن تلك أولى تجاربي مع الطب البديل، فقد مرضت قبل عامين في قطر مرضا أصبح حديث مجالس الدوحة، وكنت أتابع محطة فضائية أيام علتي، تبث برامجَ لخلطات عشبية تعالج الكثير من الامراض على حد زعم القناة، وفي إحدى فقراتها كان المذيع ينشئ خلطة لاوجاع المفاصل والتهاب الاوعية، كنت أتابع ذلك باهتمام واكتب مكونات الخلطة على ورقة وطريقة الخلطة ومقدار زمنها على النار، غير انني لم استعمل تلك الخلطة التي سجلت كل اصنافها ومقاديرها لان المذيع اشار الى أن هذه الخلطة تستعمل (في اليوم الثالث للدورة الشهرية)!!.
زارني العديد والكثير من الاصدقاء الذين كانت مواساتهم في مقام الطب البديل، فالاصدقاء هم من يعيدون الروح الى مسارها السالك، ومن يعيدون أيضا الجسد إلى غمده، من الزيارات التي أسعدتني زيارة الشابين عفيفي وحسن إدريس وحسن من الوجوه الحسنة التي أحبها لوجه الله.
لم يزرني عادل الباز، لانه مشغول برياك مشار ويمنح كل وقته (للزاهية) أفتقدته كثيرا في العلة لانه المرشح الاوحد لتفسير كابوس (بلة العربجى) لما له من دراية درامية وقدرة على تحسس الاسقاط الباطني الرمزي الذي يخرج من صلب الهلوسة ومن ترائب اللاشعور!!.
[/JUSTIFY]
أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني