الميرغني .. هل يشكو الخرطوم للقاهرة؟
قبل مغادرته البلاد بأيام معدودة أطلق مولانا محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي (الأصل) رئيس التجمع الوطني الديمقراطي تصريحات متذمرة من سير إنفاذ إتفاق القاهرة. وألمح في تلك التصريحات الى انه سيطرح ما أسماه بتباطؤ المؤتمر الوطني -الطرف الآخر للإتفاق -على الحكومة المصرية بوصفها الوسيط أو الراعي للإتفاقية. الأمر الذي جعل بعض المراقبين يقولون إن السبب الرئيسي لسفر الميرغني الى القاهرة هو طرح البنود موضع التباطؤ -بحسب تعبيرهم – للضغط على المؤتمر الوطني في إنفاذها.
وفي هذا الشأن نفى المهندس محمد فائق القيادي البارز بالحزب الإتحادي أن يكون إتفاق القاهرة سبباً رئيسياً في سفر الميرغني، غير أنه أشار الى أن من الضرورى أن يطرح الميرغني تعثر إتفاق القاهرة على الوسيط المصري. وقال: إن الحكومة المصرية عليها التزام أخلاقى يجب أن تقوم به. وأضاف فائق لـ «الرأي العام»:إن المؤتمر الوطني تلكأ كثيراً في عملية إنفاذ الإتفاق، وهنالك كثير من البنود المهمة لم تجد حظها من النزول الى أرض الواقع. وأشار الى أن مسألة مشاركة التجمع في حكومة الوحدة الوطنية ليست من البنود الأساسية ولكنها فقط آلية للمشاركة في تنفيذ بنود الإتفاق -على حد تعبيره -وقال: حتى أمر مشاركة التجمع تم تنفيذها بصورة غير فاعلة أفرغته من أهدافه.
فيما أشارت مصادر الى أن الميرغني سيبحث خلال زيارته مع الحكومة المصرية عدداً من القضايا الوطنية متمثلة في قضية دارفور والإنتخابات بجانب أنه سيكمل حواراً كان قد بدأه مع الحركات المسلحة قبل عودته الى السودان مرافقاً لجثمان شقيقه الأصغر السيد احمد الميرغني. ولكن متابعين للشأن الإتحادي قالوا في حديثهم لـ (الرأي العام):إن الشاذ في أن يمكث الميرغني في مكان واحد لأكثر من شهر واحد وليس في سفره الى القاهرة أو أي مكان آخر. وأضافوا: إن الميرغني في الآونة الأخيرة أضحى لايستطيع الإستقرار في مكان واحد لأكثر من شهر، ومن الغريب أن يقضى الميرغني أكثر من سبعة أشهر في مكان واحد. وقالوا: إن الميرغني كلما تتعقد الأمور داخل حزبه يحاول الإبتعاد ، وأوضحوا أن كثيراً من الإتحاديين استبشروا خيراً بعودة الميرغني للم الشمل، وتوحيد حزبه واعادة بنائه التنظيمي ليخوض الإنتخابات المقبلة. غير أن الحزب بعد العودة أزداد ترهلاً وتشظياً وإستشهدوا بما حدث من تجميد نشاط ابو سن الدابي رئيس الحزب بجنوب دارفور بجانب عضوية المكتب السياسي للحزب بالولاية. فضلاً عن الخلافات الحادة التي نشبت بين قيادات البحر الأحمر وأخيراً تشظى الحزب في ولاية القضارف.
ومن بين الأسباب التي دعت الميرغني لمغادرة البلاد بهذه الصورة المفاجأة – بحسب ما ذكر المراقبون- الدعوة لمؤتمر الأحزاب السياسية بمدينة جوبا التي بادرت بها الحركة الشعبية. فالميرغني الذي وصف المؤتمر بـ (التكتل العدواني) فضل الإقامة خارج البلاد حتى لا يدخل في حرج مع الحركة التي كانت تتصل به بشكل دوري عبر أمينها العام السيد باقان أموم فقد شهدت الفترة الماضية ثلاثة لقاءات مغلقة جمعت الإثنين تحت غطاء تفعيل دور التجمع الوطني الديمقراطي.
ويقول مراقبون: إن هنالك أزمة صامتة بين الحزب الإتحادي والحركة الشعبية منذ رحيل د. جون قرنق، حيث أن الميرغني يعتقد أن الحركة (خذلته) بعد أن وعدته بالمشاركة في حكم الجنوب. ولو ظل الميرغني متواجداً بالبلاد -بحسب المراقبين -ورفض المشاركة في مؤتمر جوبا سيدخل في مواجهة جديدة مع الحركة الشعبية هو في غنىً عنها على الأقل في هذه المرحلة.
وكشف قيادي بالإتحادي فضل عدم ذكر أسمه عن قضايا خاصة بأملاك الميرغني في القاهرة بجانب قضية تعويضات توسعة الحرم المكي بأنها هي التي دعت الميرغني لمغادرة البلاد ، وقال: إن الميرغني قبل عودته الطارئة كان يرغب في تصفية أمر هذه القضايا ليعود للبلاد مطلع العام الهجري الحالي وهو الآن يريد أن يحسم هذه المسائل ليعود ويتفرغ لأمر خوض الإنتخابات المقبلة. وأشارالى أن المراغنة المصريين شر كاء في تعويضات توسعة الحرم المكي وكسبوا قضية كانت قد رفعت أمام القضاء المصري في هذا الشأن وتم تحويلها للسلطات السعودية. ذلك بجانب الفصل في ورثة شقيقه الراحل احمد الميرغني في عدد من العقارات في القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية.
وبالرغم من أن زيارة الميرغني ستستغرق (10) أيام ليعود بعدها للمشاركة في إجتماع البنك الإسلامي السوداني، إلا أنه من الصعب التكهن بحل وترحال الميرغني. وإستبعدت قيادات إتحادية أن يلحق الميرغني بركب الإجتماع في هذه المدة التي وصفوها بالقصيرة مقارنة بالقضايا التي سيبحثها في القاهرة. وقالت: يمكن أن يعود الميرغني في وقت قريب خاصة وأنه ترك الحزب في حالة إنشقاقات وإنقسامات داخلية. ولكن إذا تجاوزت إقامته الشهر فلن يعود مباشرة الى السودان وربما تطول فترة غيابه بين مدن العالم لأكثر من ثلاثة أشهر.
ضياء الدين عباس :الراي العام