منوعات

زينة أنوف الحسان: الزمام.. أنف كلون الغزال معتقة كخمر من كروم شبان


رغم الدوران المتسارع لعجلة الزمان وتغير أنماط الحياة وأشكال الجمال من جيل لآخر، لا زالت رغم كل ذلك بعض العادات قديمة تستعصي على الاندثار، من بينها (الزمام)، الذي لا يزال من أبرز وأعظم أدوات زينة المرأة السودانية بمختلف مشاربها وثقافاتها، لذلك يبدو أن الزمام تمكن من تجاوز المتاريس كافة التي وضعت أمامه، وفشلت كل المحاولات لإنزاله من على رؤوس أنوف الحسان.
فكثير من المجموعات الثقافية السودانية لا تزال تحافظ على التزيين به، في الوقت الذي ترفضه قبائل أخرى وتمنع الفتيات من ارتدائه جملة وتفصيلاً، وبالرغم من كل الالتباس الذي يحوم حول الزمام والحجل إلا أن المجتمع السوداني لا يزال متمسكاً بزينته في الزواج خاصة للعروس التي ترتدي الجدلة التي تتكون من عدة قطع، منها خلخالان وطاقية مذهَّبة تتدلى منها خيوط مذهَّبة على ضطر العروس، إلى جانب الزمام أبو رشمة، وباقي مكملات الجدلة، فيا تُرى ما هو سبب النظرة السالبة للمجتمع بخصوص الزمام والحجل؟
تقاليد قديمة
تقول مودة صالح – موظفة – بالرغم من أن الخلخال والزمام من التقاليد القديمة، إلا إنهما اصطبغا بنوع من التشكيك السلوكي لمن ترتديه، ولا أدري لماذا تنظر بعض الأسر للزمام والحجل على أنهما نوعان من (قلة الأدب). وتضيف: وقد تعرضت الكثير من السيدات للتهديد من قبل أزواجهن وآبائهن إذا ارتدينهما، مع أنهما لا ينتقصان ولا يمسان كرامة أحد، وأنا شخصيا أحب ارتداء الزمام وأجده من أدوات الزينه الراقية، لكن أسرتي من النوع الذي ينظر له نظرة سالبة، فحتى جدتي لم تضع زماماً، وبنات أسرتي تتناقل المفهوم السالب له بدون أن يبحثن عن مبررات هذا الرفض، وبما إنني لست من النوع المتمرد، فقد خضعت لهذا الرفض مثل الباقيات.
الهنود هم الأكثر احتفاءً
وخالفتها الرأي صديقتها ماجدة فاروق – صيدلانية – قائلة الزمام من وسائل الزينة القديمة, وهي ليست حكراً علينا نحن السودانيين، فكثير من القبائل العربية والأفريقية يتخذونه جزءاً من موروثهم، إلى جانب الشعب الهندي الذي أعده من أكثر الشعوب احتفاءً بالزمام والحجل. واستطردت: أنا شخصيا تزورني في الصيدلية مابين ثلاث إلى خمس شابات في اليوم، وفي تقديراتي الشخصية الزمام في حد ذاته ليس عيبا، إنما وضع الأقراط على الحواجب والشفاه أو اللسان هو العيب، لأنه لا يشبه ثقافتنا ويجعلنا أشبه بعبدة الشياطين أو فتيات العصابات في الأفلام الأمريكية، وأنا عن نفسي أضع الزمام في المناسبات فقط وبمجرد انتهاء المناسبه أنزعه، فيلتئم ثقب الأنف، ويعود كأن شيئا لم يكن.
الزمام تقليعة
المدنية إحدى أسباب اختفاء الظاهرة شيئاً فشيئا. فإيقاع الحياة داخل المدن أسرع من الريف، وبالتالي نجد الأرياف النائية أو الأكثر ابتعاداً عن المركز، هي الأكثر حفاظا على الموروثات الفلكلورية والتراثية، لذلك لا تزال قبائل كثيرة في غرب البلاد محافظة على ارتداء الزمام والخلخال، ليس هذا فحسب بل إن قبائل كثيرة متمسكة بممارسة الشلوخ والوشم إلى يومنا هذا، هكذا عبرت أميمة فضل الله – باحثة اجتماعية – عن رأيها. وواصلت قائلة: هذا بخلاف الأجواء المدنية التي يتغير فيها الحراك والنسيج الاجتماعي بسرعة هائلة، فإذا سافر أحدهم وقضى عشرة أعوام خارج البلاد، فإنه سيفاجأ بتغيرات عامة مثل اختلاف المعمار، الطرق، المفردات الشبابية، وموضة الأزياء، ولو تناولنا الحديث عن أهم تقليعات الموضه، سنجد أن الشباب والشابات يلجأون إلى تغييرها كل عام، وأعد أن لجوء الفتيات لارتداء الزمام والحجل نوعاً من الركض وراء التغير. وتضيف: وفي رأيي لا علاقة له بالسلوك الشخصي للفتاة

اليوم التالي


تعليق واحد