ما الذي يحدث في هذا العالم؟
يحكى أن الصحف والوكالات العالمية تداولت قبل يومين صورا لمواطن من أفريقيا الوسطى وهو يلتهم قطعة لحم منتزعة من جسد أحد مواطنيه، وتمت الإشارة في ثنايا الخبر أن المدعو الكلب المجنون MAD DOG وهو من مسيحيي أفريقيا الوسطى قتل مع مجموعة من رفاقه مواطنا آخر مسلما – وبعد ذلك اقتطع جزءا من لحمه والتهمه أمام الكاميرات في مشهد يتصف بالوحشية والقسوة ويذكر بمشهد آخر حدث قبل أشهر في سوريا حين اقتلع أحد مقاتلي الجماعات المسلحة “الإسلامية” قلب أحد شبيحة نظام الأسد والتهمه أيضا أمام الكاميرات بصورة مقززة تجعل الأبدان تقشعر من فداحة هذا الفعل الإجرامي.. صور وأخبار وأحداث كثيرة مأخوذة عن حروب تشتعل في السنتين الأخيرتين تعكس جانبا مظلما من قسوة الإنسان ضد أخيه الإنسان في كوكبه الأرضي الموبوء بالظلم والجور.
قال الراوي: وصور أخرى انتشرت أمس مرفقة بخبر يدعو إلى تقديم مسؤولي الحكومة السورية إلى محاكمات جرائم حرب دولية، وهي تقدم آلاف الأشخاص من السوريين وقد تعذيبهم بالحرق والضرب والتجويع والتنكيل حتى الموت، صور يصعب على الإنسان (الطبيعي) احتمال النظر إليها لما تتضمنه من مظاهر عنف وتعذيب لا تصدر إلا عن شخصيات مريضة، ولا يمكن أن تجد لها أي مبرر تحت مظلة (الموت المجاني) الذي يحدث بسبب الحرب في هذه البلاد المنكوبة.
قال الراوي: هل يدفع الانتقام الإنسان للتجرد من كل مشاعره الإنسانية (المفترضة) حتى يتسنى له ارتكاب هذا الشكل من الفظائع؛ الكلب المجنون بأفريقيا الوسطى قال إنه أكل لحم أخيه المسلم لأن مسلمين آخرين قتلوا زوجته وطفله، هل تبرر رغبة الثأر هذه أكل وحرق وتقتيل الآخرين؟ هل تدفع الأديان والمذاهب إلى طريق يخلو من مبادئ السلام والأمن والتآخي بدلا من أن تدعو إليها؟ فالموت السوري في شكل من أشكاله أيضا حرب (دينية ومذهبية) بين الإخوة الأعداء في الوطن الواحد.
ختم الراوي؛ قال: ثم ما العالم، ما المقصود بالقوى العالمية، بالأمم المتحدة، بالدول الكبرى، وعلى أي أساس تتحرك هذه الدول بمنظماتها ومؤسساتها لوقف العنف والحروب والتقتيل المجاني في الجزء المظلم من العالم؟ على أي أسس تحدد قيمة الإنسان في عالم اليوم ومن يحددها وكيف ولماذا؟
استدرك الراوي؛ قال: هل من جدوى؟
أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي