الطاهر ساتى : ( لو لقيتها حللها )
:: الشيخ عبد الله المطلق، الداعية سعودي وعضو هيئة كبار العلماء، يتمتع بروح الدعابة، ويستخدمها بلطف في حال أن تكون أسئلة الباحثين عن الفتاوى (غير منطقية)..إتصل به أحد الشباب سائلاً : ( يا شيخنا هل يجوز أكل طائر البطريق؟)، فسأله الشيخ : ( من وين يتصل الأخ السائل؟)، فأجابه : ( من الدمام يا شيخ عبد الله)، فرد الشيخ على سؤاله : ( إذا وجدت البطريق كله)..أي ليس مهماً عند الشيخ أن يكون لحم البطريق حلالاً أو حراماً، فالمهم أن يجد المتصل أو غيره طائر البطريق في فيافي العرب ..!!
:: وحبيب مكتوم، رئيس لجنة الزراعة و الثروة الحيوانية بالبرلمان، يقول لوسائل الإعلام : ( في تمويل الزراعة ليس لدينا أي مانع، حتى أننا جوزنا الحرام إلى حلال، ونحن جاهزون للموافقة على تمويل أي مشروع)..وهذا التصريح الإستجدائي بمثابة نداء من شاكلة : ( يا أصحاب القروض علينا جااي، قرض حسن أو قرض ربوي، ما عندنا أي قشة مُرًة)..بضمان البترول كانت الدول تقرض بلادنا، ولن اليوم إذا وجد مختوم قروضاً، ولو ربوياً، فل ( يحللها)..وحسب إفادة وزير المالية في الأسبوع الفائت بالرأي العام، بلغ حجم ديون البلاد (46 مليار دولار)، ومنها ما نسبتها (60%) عبارة عن فوائد ربوية متراكمة بعد العجز عن سدادها في موعدها..ومع ذلك، حبيب مختوم يستجدى المزيد من الديون حتى ولو كانت ذات فوائد ربوية..!!
:: ولو تم تحليل أصول الديون والمشاريع التي صرفت فيها، فالوصول إلى أنها إما صُرفت في مشاريع غير منتجة أو أنها صُرفت في مشاريع لم تُحسن الحكومة إدارتها ليست بحاجة إلى عبقرية إقتصادية، وذلك بدليل عجز القروض عن تسديد أقساطها من عائد إنتاجها ..ثم المدهش في قروض بلادنا، لأي مسؤول حق التجوال في أسواق الخليج والصين، ليسألهم القروض، فيعطوها أو يمنعوها، أي (إنت وحنكك)..وليس مهما – لعباقرة وزارة المالية – نوع القرض الذي فاز به هذا المسؤول، ولا (كيفية استغلاله).. فالمهم، مطلوب قرض حسن أو ربوي و..(خلاص)..!!
:: فالحكومات من حولنا تقترض للمشاريع ذات العائد الذي يسدد القرض في موعده ويفيض ( زراعة كانت أو صناعة)، أي دراسة الجدوى دائماً ما تسبق الإحتفاء بالقروض أوالتجوال من أجلها، لأن القروض في حد ذاتها ليست غاية، ولكن الإنتاج بها هو الغاية..ولكن هنا، يسعون إلى القروض أولاً ثم يحتفون بها بعد حصولهم عليها وكأنها كانت غاية، وبعد ذلك – أي أخيراً – يفكرون في المشروع المناسب أو يهدرونها في مشاريع موبوءة بسوء الإدارة..وعلى سبيل المثال، لو صبت الدول والصناديق كل أموالها في مشروع الجزيرة، هل هذا يصلح حال المشروع وهو بوضعه الإداري الراهن؟.. بالتأكيد ( لا)..!!
:: وما الجزيرة إلا نموذج لمشروع زراعي متردي رغم أنف الأرض والنيل والمزارع، وما أكثر (النماذج المتردية)، لسوء الإدارة وعجزها عن إخراج الزراع من هواجس الإعسار إلى عوالم الإنتاج والتسويق..ولذلك، فالتمويل – بالقروض أو بغيرها- ليس حلاً للنكبة الزراعية ما لم تُحسن الحكومة (التخطيط والتنفيذ)..فالتخطيط والتنفيذ هنا دائماً ما يكون كما يلي نصاً : (إعتمدوا على زيت السمسم بدلاً عن زيت الفول، لأن إنتاجية زيت الفول قلت هذا العام)، حبيب مختوم أيضاً، في ذات المؤتمر الصحفي..لماذا قلت إنتاجية زيت الفول هذا العام؟، ليس مهماً للبرلمان ولجنته الزراعية، فالمهم : ( القروض )..!!
الطاهر ساتي