“اهدى مكتبة لجامعة الخرطوم” عبدالقادر شيخ إدريس “أبو هالة”.. في وقت النصر قلمه العفيف ما طبل
الدكتور الفقيه الشاعر الناقد (عبدالقادر شيخ إدريس)، لعب دوراً فعالاً في نشر اللغة العربية كما لعب دوراً مشهوداً في نشر الطريقة السمانية في السودان، وهو جيل المعلمين الأوائل، حيث شغل وظيفة كبير مفتشي التربية الإسلامية واللغة العربية بالسودان. ألف الكثير من الكتب في مجال التعليم والثقافة والشعر الذي أحبه، وكان منزله يعج بالشعراء والعلماء والأدباء أمثال بروف عون الشريف قاسم وإدريس جماع ومحمد محمد علي وغيرهم.
(اليوم التالي) وبهدف (التوثيق) زارت منزله، حيث التقت ابنته هالة وزوجته الجاز لتسردان أطرافاً وأطيافاً من سيرته الباذخة.
سيرته الذاتية
تقولان: ولد بحلفاية الملوك في عام 1922م تلقى تعليمه بمعهد أم درمان العلمي – الشهادة العلمية تخرج في كلية الصحافة بالقاهرة بالمراسلة (1954)، ثم الجامعة الأمريكية بيروت حلقة دراسية (1964) تلقى دورة صحفية بجامعة أم درمان الإسلامية (1967) نال درجة الماجستير من كلية الآداب جامعة الخرطوم، وكانت حول الشاعر عبدالناصر قريب الله في عام (1990)م ثم نال درجة الدكتوراه من نفس الكلية والجامعة أيضا وكانت أطروحته عن الشاعر إدريس جماع (1995)م، عمل معلما بعدة مدارس حتى وصل إلى رئيس قسم اللغة العربية والتربية الإسلامية بمعهد تدريب المعلمات بأمدرمان شغل منصب كبير مفتشي التربية الإسلامية واللغة العربية، وهو عضو في لجان عديدة منها مجمع اللغة العربية ولجنة النصوص بالإذاعة السودانية.
منزله يعج بالشعراء
تقول هالة: ينتمي من جانب والده لأسرة كبيرة لها دور فعال في نشر العربية وآدابها ونشر الطريقة السمانية في السودان. وتواصل: للوالد أواصر بأهل حلفاية الملوك من جهة والدته، لذلك كانت لديه علاقات واسعة مع عون الشريف قاسم، إدريس محمد جماع، محمد محمد علي، مصطفى عبدالعال والصديق والأخ الحميم للوالد العم أحمد علي بشير، فهو رجل يحب الشعر والشعراء,
همسات أدبية
(قطع متجاورات) نشرت في جرائد ومجلات متنوعة محلية وعربية.. (ثم جاء العقاد) لم يطبع، (وقفات مع شعرنا الشعبي) لم يطبع، وكتب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وأيضا (التربية الإسلامية وطرق تدريسها) عام 1978م الأولى و(تفسير سورة الحجرات) وآيات سورة النور عام 1985م، والجهاد في الإسلام عام 1991م محمد علي السيد وجمال عبدالناصر وتفسير سور الحجرات والحشر، وكتب الجهاد ومع شعراء المقاومة العرب – لم يطبع، وكذلك (الشعراء المعلمين) والأخير قبل وفاته، جاء شخص يسأل عن كاتب الكتاب بالرغم أنه ليس مطبوعا وأعطي لشخص ليقوم بطباعته، ولم أكن أعرفه قبل وفاة دكتور عون الشريف الذي اتصلت به. وقال إنه وجد الكتاب في مكتبة وزارة التربية، وتقول هالة: أحضرت منه أجزاء ولم نستطع الحصول عليه كاملا، ويتناول الكتاب سيرة المعلمين الشعراء وعددهم كبير، وقام الدكتور عون الشريف قاسم بمراجعة الكتاب.
مكتبته ومشاركاته وكنيته
في حياته أعطى جزءاً كبيراً منها لجامعة الخرطوم كلية الآداب، وهي تحمل اسمه كان ينظم ندوات ثقافية، وكان عضواً في لجنة تنظيم الأسرة التابعة لليونسكو.
لكن هالة تعود لتشير إلى أصدقائه: منهم دكتور الحبر يوسف نور الدائم، فهو كاتب مقدمة كتابه الناصر الشيخ قريب الله وتربطه صلة قرابة بالوالد، وسيف الدين الدسوقي، فهو كاتب مقدمة كتاب (كلمات) وهي دراسة نثرية عن الشاعر إدريس جماع 1991م نال عليه درجة الدكتوراه، والدكتور حسن الفاتح الشيخ قريب الله، الشاعر محمد بشير عتيق وبروف عبدالله الطيب، والشيخ زين العابدين أبوصالح ومن بعده ابنه الشيخ الشعراني، وخليفة عباس العبيد فهو رجل مبدع، وقد كان ضمن أول خمسة شعراء سودانيين عند الاستقلال. تمضي هالة وتضيف: سمعت من أحد الأشخاص في احتفال أُقيم له أنه كان معلماً متميزاً في أدائه، وكان شخصاً مرحاً لا يمله الطلاب ولم يكن جامدا رغم صعوبة اللغة العربية.
وفي السياق ذاته، تتداخل زوجته الجاز أحمد بابكر في الحديث لتضيف: كان محباً للجميع ودائم الابتسامة، يعامل أبناءه معاملة مميزة ولا يضربهم، أما كنيته بأبي هالة فتقول: كان يعتقد أن حق المرأة مهضوم، لذلك رأى أن يكنى ببنته رغم أن هناك أولاد قبلها.
حياة ثره
تأتي هالة لتحكي: كان عندما نقدم له مساعدة يشكرنا ويدعو لنا، وكان يحترم الجميع وحتى في لحظات مرضه إذا زاره أي شخص لا يصافحه، وهو مستلقيا على السرير ويسلم عليه وهو باسما، ولم يتدخل الوالد في خياراتنا الدراسية، وعودنا على الاعتماد على أنفسنا نستذكر دروسنا وحدنا وإذا احتجنا لتوضيح يوصينا بالرجوع.
وتستطر هالة قائلة: كان مسؤولا عن مسجد الشيخ عبدالقادر بمنطقة الجيلي بعد إحالته للمعاش، وكذلك كان يؤم المصلين بمسجد الشيخ قريب الله بأم درمان في صلاة الجمعة بحسب ما أكدت ذلك زوجته الجاز، ودائما ما كان يردد أبياتاً معينة من الشعر في المنزل، وهو يعتز بنفسه، ويعطي ولا يرجو من وراء عطائه شيئاً، ويبدو أن هذا ما جعل حفيدته تردد: “أبوك ياهالة من قومة الجهل ما اتهبل/ واقف في الحدود حافظ مكانته منفل/ في ساعة المضيق ماهو الاضين الجفل/ وفي وقت النصر قلمه العفيف ما طبل”. وهذا ما جعله بعيداً عن أي انتماء سياسي فقد كان صوفيا ملتزما.
اليوم التالي