“تفشي الظاهرة” نسب الزوجات إلى الأزواج.. سلب حقوق الآباء
النسب إلى الأب أشد في التعريف وأبلغ في التمييز، لكن لظهور الكثير من العادات المختلفة التي بدأت تظهر في مجتمعنا السوداني أثر كبير، لاسيما العوائل والأسر، التي ما فتئت تنسب الزوجة إلى زوجها.
بعيداً عن الأب الذي ربى وكبر وتعب وسهر الليالي حتى تصير فتاة ثم امرأة ناجحة وأم حنونة، تأثراً وتقليداً للمجتمع الغربي الذي ينفك منه الابن أو البنت عند الـ (18) سنة، ومن يبحث في أمور الدين يجد أن الإسلام نادى بحفظ الأنساب وصيانتها من التبديل أو التغيير.
انفتاح المجتمعات
انكاراً للذات، هكذا بدأت إسلام المغيرة – موظفة – حديثها لـ(اليوم التالي)، واعترفت بوجود الظاهرة في المجتمع، لكنها ترى أنها ليست بالصورة الكبيرة أو المخيفة، لأنها لا تنحصر وسط فئة بعينها، وأرجعت ارتباط اسم الزوجة بزوجها للتأثر بالفكر الغربي، إضافة إلى انفتاح المجتمعات وهجرة الكثيرين إلى تلك البلاد واستقرارهم بها، وتمنت إسلام انقشاع الظاهرة.
ظلم كبير
أما نوال محمد – موظفة – فتساءلت إذا تزوجت المرأة بأكثر من رجل إلى من ستنسب؟ وأضافت: حتماً ستكون في مواجهتها العديد من المشكلات، وتابعت: عموماً أعتقد أنها ظاهرة غير كريمة، لما تحملة في طياتها من ظلم للشخص الذي أتى بها إلى الحياة، ولفتت نوال إلى أن ذلك السلوك يعود لارتفاع نسبة مشاهدة المسلسلات والأفلام الهندية والتأثر بها، غاضين الطرف كون أنها ثقافة تعبر عن عادات وموروثات تلك الدول، وطالبت متخذي القرار بوضع برامج توعوية للمجتمع خاصة الذين يميلون للتقليد الأعمى، ودعت المرأة لأن يكون لها الدور الأكبر والفعال للحد من هذه الظاهرة حتى لا تنتشر وتصبح عادة وعرفاً.
حق مشروع
أقرت رحمة حسن – موظفة – بحق الأزواج على بعضهم حسب الدين والشرع، وقالت لـ (اليوم التالي) كما أن احترامه وأسرته أمر واجب، تقديراً للترابط الأسري، لكن ذلك قطعاً لا ولن يملي على الانتساب له أو لعائلتة، والانسلاخ من والدي عزي وتاج رأسي حتى ولو اسمياً فقط.
عادة دخيلة
وبشيء من الدهشة تساءلت ميسون حيدر – موظفة – هل توجد امرأة تقبل بذلك؟ واستنكرت الأمر برمته، وقالت أنا شخصياً لم أسمع بذلك، لكن هذا لا يمنع أن هناك الكثير من العادات الدخيلة أصبحت تمارس في مجتمعنا السوداني، لذلك لا استبعد حدوث مثل هذه الأشياء، لافتة إلى أن من نتأثر بهم لا ديانة لهم ولا يعرفون معنى بر الوالدين، وقالت إذا كانت هذه العادة إحدى عادات أسرة من سأتزوجه أفضل العيش في كنف أبي على أن أنسب لغيره.
الأبناء أحق
لفتت فاطمة محمد – ربة منزل – إلى المرء يوم القيامة ينادى باسم والدته، لذلك تعد أن اسمها في الدنيا يجب أن يكون حصرياً على والدها، لأنها الفترة الوحيدة التي تتشرف فيها بالانتساب إلى والدها، لذلك قالت: كيف أسمح فيها لغيره أن يسلبه حقه، فهو الذي عانى وسهر الليالي من أجلي حتى أصير امرأة صالحة وفاعلة في المجتمع. واستدركت: هذا لا يعني عدم تقيمي للزوج، لكن أبناءه هم أحق بالانتماء إليه وليس أنا.
أقبل بشرط
اعتبرت سلمى السر – ربة منزل – نسب المرأة إلى شهرة أو لقب الزوج هو الأكثر شيوعاً في مجتمعنا. وأضافت: يظل اللقب ملتصقاً بها حتى لو طلقت أو توفي زوجها، فضلاً عن جلبه لبعض المشاكل إذا ما تزوجت بآخر، لذلك هو تقليد لا نفع منه غير أنني لا أقبل تغيير اسمي على حساب أسرتي وعائلتي، رفضت سارة فيصل حذف اسم والدها واستبداله باسم عائلة زوجها لمجرد أنه زوجها وتلك عائلته، لكنها وافقت في ذات الوقت الانتساب لزوجها في حال ذهابي إلى بلد غريب لا أعرف فيه سوى زوجي.
خلط بين الأديان
(ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) هكذا ابتدر محمد الحسن – موظف – حديثه. وأشار إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رفض نسب زيد إليه حفاظاً على حقوق والده، فكيف لنا أمة مسلمة أن نتبع غير هداه فهو قائدنا. وأضاف: عجز الغرب عن مقاومة الدين بالسلاح فهدتهم عقولهم إلى الغزو الفكري لما عرف عنا بالتبعية. ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، وفي ذلك نهي واضح لعدم الاتباع لما يتنافى مع ديانتنا، لافتاً إلى كثير من الظواهر السالبة في المجتمع السوداني. وأرجع ذلك إلى عدم التثقيف وقلة الوازع الديني والخلط بين الأديان.
انتماء للوالدة
أبانت الباحثة الاجتماعية د. ثريا إبراهيم أن علاقة الانتماء الأسري ليس اسمي فقط، بل لها أبعاد كثيرة منها البعد القانوني، لذلك لابد من الفصل بين علاقات القرابة والمصاهرة. وقالت: إن النسب إلى الأب أمرٌ طبيعي، وإن عدم الانتماء للزوج لا يقلل من احترامه، مشيرة إلى الانتماء إلى الزوج ثقافة غربية دخيلة على المجتمع السوداني، وقد تكون لها علاقة بفهم الثقافة الذكورية الخاطئة، التي تؤمن بأن المرأة بعد الزواج صارت ملكاً له، لافتة إلى أن النسب لغير الأب لا ينحصر فقط في الزوجة، فهناك من يضحون بمجهود أبيهم ووقته الذي أفناه في التربية بالانتماء لعائلة الوالدة إذا كانت من العائلات المشهورة.
اليوم التالي