حوارات ولقاءات

المقرر السابق للجنة الأمنية المشتركة بين دولة جنوب السودان والسودان : المعز فاروق: ظروف كثيرة أملت عليّ قرار الاستقالة

شكل حضوراً عالياً في الساحة السياسية والأمنية خلال الفترة المنصرمة بوصفه أحد أهم أضلاع اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين دولة جنوب السودان والسودان، قبل أن يمهر قرارا استقالته التي تم قبولها في أكتوبر من العام الماضي، عطفاً على “ظروف كثيرة جداً” -كما يسميها- أملت عليه “اتخاذ هذا القرار”. د. المعز فاروق المقرر السابق للجنة الأمنية يعكف حالياً على مشروعات علمية وعملية في المجالات البحثية، مستزيداً من العلم؛ تطويراً وتجويداً في المجال البحثي والتحليلي، خاصة فيما يخص السودان وجنوب السودان، ومنطقة القرن الإفريقي، وبدأ بالفعل في ترتيب أوضاعه الخاصة، والتفرغ الكامل للبحوث في المجالات السياسية والاستراتيجية.. خلال الحوار التالي يشارك د. المعز فاروق قراء (اليوم التالي) الكثير من المعلومات والتفاصيل المتعلقة بحيثيات عمل اللجنة ولا يغفل خلال السرد شيئاً من الوقائع التفاوضية والاتفاقات بين فرقاء السياسة ممن حتمت عليهم تصاريف المصير الانشطار إلى دولتين. من خلال اللقاء وقفنا مع فاروق على الكثير من القضايا الأخرى الإقليمية والمحلية، فأجابنا بصفته باحثاً في المبتدأ، ولكونه من الدوائر القريبة في صنع القرار.

* ما هو سبب استقالتك المفاجئة من منصب مقرر اللجنة السياسية الأمنية المشتركة مع دولة الجنوب؟

– في البدء أود أن أشكر كل قادة القوات المسلحة السودانية، الذين أحسبهم من الأخيار والوطنيين والمهمومين بحب الوطن، ورغم كل شيء ستظل القوات المسلحة السودانية هي العمود الفقري وصمام الأمان لاستقرار السودان.. ثانياً العمل مع الإخوة في القوات المسلحة شرف عظيم لي، تعملت منهم الصبر، ونكران الذات، والمسؤولية، والتواضع، والفهم العميق للقضايا.. أما بخصوص سؤالك فلدي ظروف كثيرة جداً أملت عليّ اتخاذ هذا القرار، ولذلك تقدمت باستقالتي وتم قبولها في أكتوبر الماضي.

* ماذا يفعل المعز فاروق الآن؟

– لدي مشروعات علمية وعملية كثيرة في المجالات البحثية، والاستزادة من العلم؛ تطويراً وتجويداً في المجال البحثي والتحليلي، خاصة فيما يخص السودان وجنوب السودان، ومنطقة القرن الإفريقي، ونحاول من خلال التجربة العملية أن نمزجها علمياً وفكرياً، حيث بدأت بالفعل في ترتيب أوضاعي الخاصة، والتفرغ الكامل للبحوث في المجالات السياسية والاستراتيجية، وأسال الله التوفيق في ذلك.

* من خلال وجودك في اللجنة الأمنية، لماذا لم تحل القضايا العالقة مع الجنوب؟

– في البدء أود أن أوضح بعض النقاط؛ بعد توقيع اتفاق السلام الشامل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في عام 2005م، وبعد بدء تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع برزت بعض الإشكالات بين الشريكين، أدت إلى عدم تنفيذ بعض من متطلبات الفترة الانتقالية، والمتمثلة في الترتيبات الأمنية، والحدود، والنفط، والجنسية، وأوضاع المواطنين بين الطرفين والبنوك والديون والأصول. بادرالاتحاد الأفريقي في ذلك الوقت لحلحلة القضايا العالقة والمتبقية من اتفاقية السلام الشامل، وخاصة الأمنية؛ حيث تم تكوين الآلية الافريقية الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الافريقي برئاسة السيد الرئيس تامبو أمبيكي، والسيد الرئيس بيير بيويا، والسيد الرئيس أبوبكر عبد السلام، وذلك بغرض مساعدة الطرفين لحل بقية القضايا العالقة بينهما، وكان أول لقاء في هذا الشأن في مكلي في إثيوبيا في 2010م، وتم تكوين أربع مجموعات عمل لمناقشة القضايا العالقة والمتبقية وهي، مجموعة عمل الترتيبات الاقتصادية، وتشمل النفط والديون والأصول، ومجموعة الاتفاقات الدولية والمعاهدات، ومجموعة عمل الترتيبات الأمنية، ومجموعة عمل الجنسية والنواحي القانونية، ومن خلال هذه الجولات تم الاتفاق على تكوين اللجنة الامنية والسياسية المشتركة والهدف منها معالجة كافة القضايا والإشكالات الأمنية والمتمثلة في تأمين الحدود والانسحاب وإعادة الانتشار للقوات على طول الحدود، وتكوين منطقة آمنة منزوعة السلاح، وتكوين آليات لمراقية الحدود والعدائيات بين الطرفين في حالة الانفصال، وفتح المعابر، ويرأسها وزيرا دفاع الدولتين، ووزاء الخارجية والداخلية، ومديرو أجهزة الأمن وقادة الأجهزة العسكرية بين الدولتين. عقدت هذه اللجنة أول اجتماع بين الدولتين بعد الانفصال في 18 سبتمبر2011م بالخرطوم، بفندق السلام روتانا، وفي هذا الاجتماع تم اعتماد كل الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الطرفين، والعمل على تكوين الآليات، وفتح المعابر، إلا أنه قد حدث خلاف في تحديد الخط الصفري منذ ذلك التاريخ، حيث ظل هذا الخلاف موجوداً حتى هذه اللحظة، وهو نتاج طبيعي لعدم الثقة بين الطرفين، والاتهامات المتبادلة بينهما في دعم وايواء الحركات والجماعات المسلحة، على الرغم من وجود آليات تم تكوينها لمعالجتها، وهي اللجنة الأمنية المشتركة، والتي يرأسها رؤساء استخبارات الدولتين، واللجنة الخاصة. إذن لابد من الدولتين إدراك أهمية بناء الثقة بينهما، والخروج من مربع الاتهامات المتبادلة إلى آفاق التعاون والاستقرار، والانفصال الذي حدث إنما هو انفصال سياسي فقط، ولكن هناك مشتركات كثيرة؛ اجتماعية واقتصادية بين الدولتين، علينا اغتنامها وتوظيفها لصالح الأمة السودانية والشعب السوداني.

* بعد توقيع الاتفاقيات التسع مع الجنوب -بما فيها الاتفاقية الأمنية- لماذا برأيك لم تنفذ كل هذه الاتفاقيات؟

– اتفاقيات التعاون المشترك التي تم التوقيع عليها في أديس أبابا في 27/9/2012م هي نتاج جهد مضن بين الطرفين، بهدف معالجة كافة القضايا المتبقية من اتفاق السلام الشامل وخطوة مهمة جدا في علاقات الدولتين لإرساء السلام بينهما، إلا أن التنفيذ شابه شيء من القصور، خاصة وأن كل طرف كانت لديه استراتيجية ورؤية في التنفيذ، حيث يرى السودان القضية الأساسية في تنفيذ اتفاق التعاون المشترك هي الترتيبات الأمنية، وهي الأساس لتنفيذ بقية الاتفاقيات، ودولة الجنوب ترى أنه لابد من تنفيذ المسائل الاقتصادية؛ خاصة النفط، فبالتالي ونسبة لهذا الاختلاف وعدم الثقة بينها أدت إلى تعطيل اتفاقيات التعاون المشترك.

* قبل مغادرتك لهذا المنصب لم تلتئم اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية على مستوى وزيري الدفاع في البلدين، رغم أن آخر اجتماع للجنة الأمنية على مستوى رؤساﺀ الاستخبارات في البلدين طالبوا بعقد اجتماع طارئ لوزراﺀ الدفاع؟

– آخر اجتماع عقد للجنة الأمنية السياسية المشتركة بين الدولتين كان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الفترة ما بين 20 إلى 23 أبريل 2013م؛ اجتماع طارئ لبحث تكوين اللجنة الأمنية المشتركة بين الدولتين، وحتى تاريخ هذه اللحظة لم يتم عقد اجتماع، رغما من عقد أكثر من 6 اجتماعات على مستوى اللجنة الأمنية المشتركة التي يرأسها روساء استخبارات الدولتين، وستظل مسألة تحديد الخط الصفري المؤقت هي العقبة الكؤود في تنفيذ الاتفاقيات بين الدولتين على الرغم من تحركات الآلية الافريقية الرفيعة المستوى برئاسة امبيكي لعقد اجتماع طارئ وفوق العادة لمعالجة مسألة الخط الصفري المؤقت، إلا أنه لم يكلل بالنجاح.

* كثيرا ما تتهم الخرطوم جوبا بالتماطل وعدم الجدية في تحديد الخط الصفري لماذا تتماطل جوبا؟

– مسألة تحديد الخط الصفري المؤقت، دولة جنوب السودان لديها تحفظات في الإحداثيات التي تقدمت بها الآلية الافريقية الرفيعة المستوى، على الرغم من أن هذا الخط هو خط مؤقت، الهدف منه في الأساس تحديد المنطقة الآمنة المنزوعة السلاح، وإعادة الانتشار والانسحاب لقوات الدولتين، وفتح المعابر، وليست له أية علاقة بترسيم الحدود بين البلدين.

* يقوم سلفاكير بزيارة الخرطوم كثيراً ويرافقه دائماً وفد طبيعته أمنية، ولكن عندما يغادر البلاد لا ينفذ أي اتفاق. إلى متى ستظل جوبا تعلق تنفيذ الاتفاقيات مع الخرطوم؟

– اتفاق التعاون المشترك بين الدولتين عالج كافة القضايا العالقة بينهما، ولكن ستظل مسألة الثقة بين الطرفين هي الترموميتر الرئيس في العلاقة بين الدولتين، خاصة تبادل الاتهامات بين الطرفين في دعم وايواء الحركات والجماعات المسلحة، على الرغم من وجود آليات تم إنشاؤها لمعالجة تلك الاتهامات بين الطرفين.

* لازالت الخرطوم وجوبا يتهمان بعضهما بعضا بدعم المعارضة المسلحة في البلدين.. هل تدعم جوبا بالفعل المعارضة المسلحة في الخرطوم؟ وما هو الدليل الذي على إثبات ذلك؟ وهل فعلا الخرطوم تدعم المعارضة المسلحة في الجنوب؟

– أحسب أن الاتهامات المتبادلة بين الدولتين في دعم الحركات والجماعات المسلحة بينهما لا تخدم الأمن والسلم بين الدولتين، ولا تخدم الاستقرار في المنطقة، فبالتالي علينا النظر بعمق والخروج من مربع الاتهامات إلى التعاون الذي يخدم المصالح العليا للدولتين، وإذا كانت هنالك اتهامات بينهما لابد من معالجتها، وفقا للاتفاقيات الموقعة بين الدولتين. فمسألة الإعلام السالب بين الطرفين هو مزيد من تباعد الشقة وهدم الثقة بين البلدين.

* لماذا لم تحل مشكلة أبيي حتى الآن؟ وما هو المطلوب من الطرفين؟

– من خلال متابعتي لمشكلة أبيي هنالك مخرجات القمة التي انعقدت بين الرئيسين في أديس أبابا في الخامس من يناير 2013م حددت خارطة طريق واضحة وهي تنفيذ كل ما جاء في اتفاق الترتيبات المؤقتة لأبيي وهي انشاء الإدارية والمجلس التشريعي والشرطة، ومن ثم ينظر الرئيسان في الوضع النهائي لأبيي، إلا أنه -ومن متابعتي للواقع- لم يتم إنشاء الوحدات الإدارية ولا المجلس التشريعي ولا الشرطة. إذن المطلوب بين الطرفين هو تنفيذ كل ما جاء من مقررات، وإنزلها إلى أرض الواقع؛ والمتمثلة في الترتيبات المؤقتة لأبيي، ومن ثم النظر في الوضع النهائي لأبيي بواسطة رئيسي الدولتين.

* هل تتفاﺀل بمستقبل العلاقات بين الخرطوم وجوبا في ظل وجود سلفاكير في الحكم؟

– التفاؤل يظل موجوداً إذا توافرت الرغبة الصادقة والأكيدة بين البلدين لبناء علاقات استراتيجية بينهما، لأن استقرار جنوب السودان هو استقرار للسودان، وشعب السودان، وكما تعلمين أن الحدود بين البلدين هي من أكبر الحدود -حوالي 1270 كلم- وهنالك علاقات تاريخية بين المجتمعات القبلية الحدوية بين الدولتين؛ حيث يوجد أكثر من ثلثي شعب جنوب السودان على طول الحدود، فواقع الدولتين الحالي يفرض عليهما التعاون والتعايش بسلام، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى.

* كيف تقرأ الصراع الدائر في الجنوب وهل كان متوقعا حدوثه؟ وبرأيك لماذا لا يريد السودان التوسط بين الأطراف المتصارعه خارج إطار الايقاد؟

– أعتقد أن الصراع الجنوبي الجنوبي شيء مؤسف جدا، وأكيد أنه سوف يؤثر سلبا على كل أمن الاقليم، وخاصة السودان، وعدم استقراره يؤدي إلى تهديدات أمنية على طول الحدود بين الدولتين، كما دخلت أياد أخرى في الصراع الجنوبي، مثل يوغندا، وحتماً هنالك تأثير سالب في دخولها في الصراع، وأعتقد أن السودان كان يمكن أن يلعب دوراً مهما في معالجة الصراع الدائر بين الفرقاء الجنوبيين، حيث أرسلت الولايات المتحدة الامريكية إشارات ايجابية لتوسط السودان باعتباره هو الجهة الوحيدة التي يمكن أن تعالج الازمة، وترى الولايات المتحدة الامريكية فشل دولة الجنوب وتصنيفها كدولة فاشلة هو فشل لسياستها الخارجية، حيث كان لها دور مهم في فصل الجنوب السودان، وأن السودان هو الدولة الوحيدة التي تعرف بواطن الأمور في المجتمعات الجنوبية والإثنية، فبالتالي كان للسودان رأي آخر هو التوسط بين الأطراف عبر منظمة الايقاد، ولا أعتقد بأن الإيقاد سوف تعالج القضية لأن هنالك أعضاء في داخل المنظمة تمثل جزءاً من الصراع، مثل (يوغندا).. عليه لابد من ايجاد حل لهذا النزاع الدائر بين الأطراف المتصارعة، وعلى الفرقاء في الجنوب النظر إلى شعبهم والتوصل إلى حلول شاملة، والتوافق من أجل ومصالح الشعب الجنوبي، وقطعا أن استقرار الجنوب هو استقرارا للمنطقة بأكملها..

* ما هو مستقبل الصراع في دارفور؟ وما هو الحل برأيك لجذور لمشكلة؟

– منذ أن نشأ الصراع في دارفور في نهايات العام 2003م، وهو صراع على الموراد بين الرعاة الرحل والمزارعين، أصبحت مشكلة دارفور ذات أبعاد دولية دولية وتدخلت جهات عديدة منها ايجابي ومنها وسالب، مما عقّد النزاع في دارفور وأصبحت إحدى محركات السياسة الخارجية للدول، عليه لابد من النظر بعمق في كافة جوانبها السياسية والاجتماعية والانسانية والأمنية للخروج من هذه الأزمة لأن إطالة أمدها ربما يؤدي إلى مزيد من التعقيدات والاشكالات، حتما سوف تؤثر في مستقبل واستقرار السودان، ولابد من التعامل مع هذه الأزمة بشيء من الواقعية.

* ما هي مطلوبات الحل في المنطقتين خاصة وأن كل طرف يصر على رأيه مما أدى إلى فشل كل الجولات السابقة؟

– مطلوبات الحل في شأن المنطقتين تعتمد على الرغبة الصادقة والأكيدة لكافة الأطراف تبدأ بمسألة بناء الثقة والنظر إلى السودان وفقا للمصالح العليا للدولة والخروج بالسودان بهدف الخروج إلى بر الأمان، وقبول الرأي الآخر بقلب مفتوح، لأن السودان بلد يسع الجميع بكافة سحناته وإثنياته.

* الكثيرون يحملون الوسيط امبيكي فشل الجولات السابقة للتفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية، هل فعلا امبيكي فشل في حل مشكلة المنطقتين؟

– لا أعتقد بان الوساطة لها دور في إفشال عمليات التفاوض بين الاطراف.. أما المشكلة الحقيقية بين الطرفين فهي عدم وجود ثقة بينهما.

* هل تتفاﺀل بأن يكون هناك تقدم في الجولة القادمة؟ وهل تتوقع أن يقدم امبيكي ورقه توافقية ترضي الطرفين؟

– بالفعل الوساطة قدمت ورقة توافقية للأطراف تأسست على الترتيبات الأمنية والسياسية والإنسانية، ويمكن أن تكون خارطة طريق لمعالجة مشكلة المنطقتين. أما التفاؤل فيظل موجوداً إذا كانت هناك رغبة صادقة من قبل المتفاوضين.

* الكثيرون يتهمون ياسر عرمان بأنه يتماطل ويتلاعب ولا يريد أن يصل إلى حل للمشكلة الأساسية خاصة وأنه يطالب بحل شامل وليس جزئي؟

– علينا أن نتفق جميعا أن هنالك مشكلة شخصت في خطاب رئيس الجمهورية في 27 يناير من العام المنصرم، وتم تحديد معالم حلها وهي السلام والحريات والمشاركة السياسية والهوية والاقتصاد، فلذلك يمكن الحل إذا توافرت الرغبة الصادقة بين كافة الأطراف السودانية، وكما تعلمين أن السودان الآن يمر بمرحلة مخاض عسير في تشكل الدولة السودانية والنظر إلى السودان الشعب والأمة والخروج من المأزق الذي يؤدي إلى تشظي وتفتيت السودان، بعيدا عن التكتيكات غير المفيدة.

* برأيك هل قيام الانتخابات في هذا التوقيت سيحل المشكلة السودانية، وهل تتوقع أن يصحبها أي نوع من العنف من قبل المعارضة السياسية والمسلحة؟

– أعتقد أن الحوار الوطني الشامل إذا توافرت له البيئة الملائمة والمناخ الايجابي بين أطراف النزاع من الفرقاء السودانيين من الحركات المسلحة والاحزاب المعارضة والحكومة، يعتبر هو المخرج الوحيد للسودان في هذه المرحلة الدقيقة من عمر السودان، وأحسب أن مشكلة السودان تكمن في الحروبات والنزاعات والعزلة، ويتبادر للذهن سؤال؛ هل الانتخابات الحالية يمكن أن تعالج هذه القضايا أم تزيدها تعقيدا؟!

* ما هو مصير الحوار الوطني، وهل بالفعل هناك جدية من الحكومة في مواصلة هذا الحوار؟

– الحوار من أجل التوافق الوطني شيء أساسي ومهم لبناء سودان آمن ومستقر خال من النزاعات والحروب، منفتح على كل العالم مستفيدا من ثرواته من أرض خصبة ونفط ومعادن ومياه، بهدف رفاهية ورضاء الشعب السوداني الذي ذاق الامرين في الحروبات والنزاعات. وعليه لابد من من جدية كافة الاطراف السودانية؛ لان القضية هي قضية أمة وشعب.

* ما هو المطلوب لأن يكون هناك حوار حقيقي لحل الأزمة السودانية؟

– الحوار هو جوهر عملية التوافق السياسي ويعني منع أي نزاعات أو حروب بين الاطراف، باعتياره الطريق الوحيد للوصول إلى حل كافة مشاكل السودان. أولا لابد من بناء الثقة بين الأطراف بغية الوصول إلى الأهداف والغايات والمصالح العليا للدولة السودانية، حيث هنالك عدة مؤشرات لنجاح عملية الحوار والتي تتمثل في تصميم عملية الحوار من حيث جدول الأعمال وقواعد اجراءات صنع القرار والمشاركين في عملية الحوار وكيفية مشاركة الشعب السوداني، وكيفية اتخاذ القرار، والمنهج المتبع للوصول إلى تفاهمات بشأن القضايا المختلف حولها. وأعتقد أن المخرج الوحيد من الازمات السودانية هو الحوار، ولابديل غير الحوار.

* وعد الرئيس موسفيني بطي الخلافات مع السودان وطرد المعارضة المسلحة من أراضيه؟

– العداء اليوغندي للسودان عداء تاريخي وعميق منذ أن جاء موسفيني للسلطة، لا أتوقع أن يتم طي ملف الخلافات مع السودان بهذه السهولة. وكما هو معروف بان شخصية مؤسفيني مليئة بالمكر والدهاء، وأحسب أن الانتخابات الرئاسية القادمة في يوغندا لها أثر واضح في تهدئة الاوضاع مع السودان، وربما لفترة مؤقتة. وهنالك شخصية قوية مرشحة، وهو رئيس الوزراء السابق ليوغندا، ولديه كثير من النفوذ والثروة، اضافة إلى دخول يوغندا في حربها المباشرة في جنوب السودان لجلب المال لدعم حملته الانتخابية، ولذلك ربما يحاول الرئيس موسفيني اللعب بهذه الكروت.

* هل نتوقع أن يأتي يوم وتتحسن فيه العلاقات مع يوغندا في ظل وجود الرئيس موسفيني؟

– لا أتوقع تحسين العلاقات مع يوغندا لاعتبارات كثيرة: أولا يوغندا هي المستفيد من انفصال جنوب السودان خاصة في الجوانب الاقتصادية، دائما يوغندا تحاول منع توطيد واستقرار علاقات السودان بجنوب السودان. ثانيا تريد يوغندا عدم استقرار السودان.

* كيف تنظر للعلاقات السودانية الإثيوبية؟

– العلاقات الاثيوبية السودانية جيدة؛ هنالك قضايا كثيرة مشتركة خاصة قضايا المياه وسد النهضة، حيث يقف السودان بجانب إثيوبيا في بناء سد النهضة، وكذلك لاثيوبيا دور في تعزيز الأمن باعتبارها المشرفة على أمن أبيي وحماية المراقبين في المنطقة الامنة المنزوعة السلاح بين السودان وجنوب السودان التابعة لبعثة الامم المتحدة، والمعروفة باسم قوات اليونسفا، وظل هذا التعاون مستمرا في كافة المجالات الامنية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية.

* الآن زار مساعد الرئيس إبراهيم غندور الولايات المتحدة الامريكية، هل تتوقع أن يكون هناك انفتاح في العلاقات وأن يحدث تطبيع خلال المرحلة المقبلة؟

– لا أتوقع انفراج العلاقات بين السودان والولايات المتحدة الامريكية، هنالك شواهد كثيرة أهمها حديث ممثلة الولايات المتحدة الامريكية بمجلس الأمن بهدف تشديد العقوبات على السودان، وكذلك إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي حول الاتهامات من قبل المحكمة الجنائية الدولية لرئيس الجمهورية بهدف إعادة النظر مرة أخرى.

* ماذا تريد أمريكا من السودان حتى تطبع علاقتها معه وترفع العقوبات الاقتصادية؟

– هنالك قضية أساسية في علاقات السودان والولايات المتحدة الامريكية؛ هي أن السودان في نظر الولايات المتحدة هي الدولة الراعية للإرهاب، فبالتالي سيظل السودان كذلك، وأحسب أن الزيارة الاخيرة للسيد مساعد رئيس الجمهورية ربما جاءت في هذا السياق؛ في تحديد مطلوبات الجانب الأمريكي في تطبيع العلاقات مع السودان.

* كيف تنظر للحراك في مجلس الأمن الدولي لاصدار قرارات ضد السودان؟ وهل يمكن للسودان أن يحدث إصلاحا داخل المجلس من خلال الدول الاصدقاﺀ؟

– لا أتوقع إحداث أي تقدم في حراك مجلس الأمن.. سيبقي الوضع كما هو عليه ويعتمد استراتيجيات القوى الدولية فيما بينها ومصالحها.

حوار – أميرة الجعلي
اليوم التالي

تعليق واحد

  1. ((وبعد بدء تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع برزت بعض الإشكالات بين الشريكين، أدت إلى عدم تنفيذ بعض من متطلبات الفترة الانتقالية، والمتمثلة في الترتيبات الأمنية، والحدود، والنفط، والجنسية، وأوضاع المواطنين بين الطرفين والبنوك والديون والأصول.))………. ألا تعتقد أنه كان من واجب المفاوض السوداني في بدايات مشوار التفاوض أن يضغط لحل هذه المجموعة من القنابل الزمنية لأنها في غاية الأهمية لاستتباب الأمن والأمر بين البلدين بدلاً عن تركها مُعلّقة يظهر (عوارُها) بين حينٍ وآخر بدون سقف لنهايتها؟