حكاية اغني، وافقر.. واعظم.. واقوي واضعف.. أمة
أو .. كما قال الحاردلو.. السندباد.. في بلاد السجم والرماد..
أو كما يقال الآن.. السودان والذهب..
أو ..
٭٭٭
> بيوت الطين والسيبق والزبالة هنا.. والناس يبنون أبراج الزجاج .. لماذا؟
> والطين السياسي.. لماذا؟
> والمزبلة الاقتصادية.. وكأننا.. عمرنا كله.. أبو الدرداق يجمع «الكرات اياها» ليتزوج القمر .. لماذا؟!
> والمائدة هي الكسرة والملاح .. منذ مملكة سنار
> والعالم مائدته هي اطعمة لا نعرف اسماءها..
> واواني المائدة هي قريب من قريب من آنية الاعرابي الذي يطارد الرئيس ازهري ليسقيه فيها
«الاعرابي يعترض موكب الرئيس ازهري في البادية ليسقيه اللبن.. والاناء الذي فيه اللبن هو ذاته الذي يستخدمه المرضى لقضاء الحاجة..» الاعرابي كانت معرفته بالآنية الفخمة هي هذه
> وركام الاسئلة هذه الذي يشبه اناء الراعي هذا ما يأتي به هو ركام يلتقي ظهر الخميس الماضي
> واذاعة جامعة الخرطوم و«كارثة» ثقافية.. ولا نقول فضيحة.. في جامعة الخرطوم.. وحدث يحمل الاسم هذا نفسه في الخارجية.. والحديث عن غندور وامريكا.. وابراهيم الامين.. سفيرنا يوما في سويسرا.. والمحجوب ومحمد عشري صديق ومنصور خالد ومحمد يوسف هاشم صاحب صحيفة التلاثينات، ومسئولون كبار لا نجئ بـ(لا نجيب) اسماءهم
> وزحام .. له أطيط..
> زحام تسعين سنة.. ما بين 1930 واليوم يجتمع عندنا مصادفة.
> وما يأتي بهذا كله كان هو السؤال
: لماذا نحن متخلفون
> وكيف.. وأين المخرج.. نفس السؤال منذ تسعين سنة
> والثاني «المخرج» نجده
> نجده في مكاتب تقود الدولة.. والخطة التي تتجاوز التخطيط إلى التنفيذ الآن
> والتي ما يقودها هو شفاه مغلقة جيداً.. جيداً
> وما نقوله عن الانفراج الاقتصادي .. الذي تصدقه الأيام هو فقاقيع فوق البحيرة التي تغلي الآن
> لكن
«2»
> اذاعة جامعة الخرطوم ظهر الخميس الماضي تحدث الناس عن مدير جديد للجامعة.. وعند معرض
> والاذاعة تأتي بطالبه من الآثار لتحدث الناس عن اكتشافهم للبجراوية!!
> وما يفقع كان هو
: السيد عباس..
صاحب جوائز عالمية في الافلام التسجيلية يكتشف كتابات بقلم وتوقيع غردون.. يكتشفها في ركام داخل جامعة الخرطوم.. مركومة مجهولة
> ويسلمها للجامعة
> وحدث مثل هذا كان شيئاً
: في اي مكان في العالم.. يجعل معرض الجامعة شيئاً يتحول إلى حدث عالمي.
> لكن. ادارة الجامعة ما تفعله هو أنها تكاد تصفع الرجل .. وفي غضب يأمرونه باعادة.. ليس أصل الاوراق.. بل حتى الصور.. ويقولون اسكتوا.. اسكتوا
> في اليوم ذاته سفير دولة اوروبية في مصر يهبط الخرطوم يطارد شيئاًَ غريباً
> واحدهم في الخرطوم تقول الرواية انه يحتال على سفارة الدولة الاوروبية في الخرطوم
> و الدولة الاوروبية.. التي تدعم السودان ايام محنة شديدة جداً.. حين تفاجأ بالأمر تظل تطلب من سفارتنا عندها «من سفيرتنا» عندها تفسيراً.. وتطلب صحبة مندوبها للخرطوم
> والسفيرة تتهرب
> والسفير يهبط الخرطوم
> ويفاجأ بان الخارجية تتجاهله «الحد الادنى في التعامل هو مندوب وعربة رسمية واستقبال في المطار»
> والخارجية لا تفعل
> السفير ما يبحث عنه ليس هو استعادة «شيء» يخص السفارة ويذهب به المحتال..
> السفير الاوروبي ما جاء يبحث عنه هو
: هل تحمي حكومة السودان محتالا.. وإلى درجة افساد الصلة بين السودان ودولة اوروبية مهمة..
> أم.. ماذا
> و.. و.. والخارجية صامتة كأنها تقول نعم
«4»
> في يوم واحد الحوار عن
: التخلف .. لماذا وبيوتنا العجيبة لماذا.. وفقرنا العجيب.. لماذا و الأسئلة الألف ما يجعلها مذهلة هو انها تكاد تجتمع كلها في نهار واحد
> والاجابات كلها تجتمع عندنا في النهار ذاته.. ودون موعد
> والمقادير .. التي تنظر لتسعين سنة.. وتنتظر ان تبدل شيئاً.. المقادير هذه تبدو وكأنها زهجت. وقامت تحمل العكاز وتلطم منازل السبيق.. في عقولنا.. وسياساتنا ومثقفينا و..
> وفي الخميس ذاته لما كانا نقرأ صراخ احمد يوسف هاشم عام 1934 عن «لماذا نحن متخلفون» كان نموذج غريب يعيد صرخة احمد يوسف هاشم الآن
> وفي الخميس ذاته لما كان صاحب البيوت عام 1928 يشتم ذوقنا الردئ في البيوت والمساكن كانت مذكرات انجليزية ترد بالنفي
> والدهشة تكتمل حين تكون الانجليزية تكتب عن جامعة الخرطوم ذاتها
> احمد يوسف يكتب عن ان
: ما يقتل الوطن هو البوبار
> والرجل الذي يطوف البلاد لسنوات مثل حمار يجمع المال.. حتى اذا جمع مالاً انحدر إلى السوق وانفق كل ما عنده يشتري الملابس والفرش.. و..
> حتى يقال.. غاب وجاب
> ثم يعود فقيرا.. ويجري من جديد
> هل خطر ببالك المغتربون الآن
> بينما الساخط على ذوقنا تجيبه الانجليزية دون قصد»
> الانجليزية التي صممت قاعة جامعة الخرطوم «التي كانت جميلة جداً.. تقص حكاية امرأة سودانية.. امية
قالت: كانت المرأة هذه تأتي كل يوم وتجلس وكأنها تحبس انفاسها تتابع كل لمسة من فرشاتي في استغراق عظيم.. عظيم
> كل يوم .. كل يوم
> قالت .. ويوم افتتاح القاعة اجلسوني في الصف الامامي واكرموني والقوم في افخم الثياب والعطور
> فجأة.. رأيتها
> جاءت بثوبها ذاته تشق الصفوف لا تلتفت إلى أحد
> احتضنتني .. وعانقتني.. وقبلت خدودي..
> ودون حرف.. تحولت وذهبت
> لا اعرف حتى اليوم.. اسمها.. لكنني لم اتلق في حياتي ميدالية أعظم من قبلات المرأة هذه.. ولا تقديراً للجمال أعظم
> المرأة الأمية.. السودانية الحقيقية.. وعن شعور السوداني بالجمال تقول للمثقف الساخط
: العين بصيرة.. والايد قصيرة
> كل هذا حوار.. نحكيه
> ونحكي كل الحكايات فالحكايات تكشف لماذا نحن.. ونحن أغنى أمة نعيش الفقر الغريب
> أغنى أمة في كل شيء الثقافة والنقاء والثروات.. و…تعيش اغرب فقر في كل شيء
> لكن أمثال حكاية جامعة الخرطوم مع اوراق غردون.. التي تجعلنا ننظر إلى بيوت الزبالة داخل عقول البعض
> وحكاية وزارة الخارجية حتى تتهم بانها تحمي محتالا يدمر علاقتنا الخارجية
> الحكايات هذه نحكيها
> ومعها نحكي ما يمكن
ان«نمرقه» من حكايات الغني الهائل الذي نستقبله..
> الغنى الذي يجعل الدولة تجتمع الآن تحت الليالي الطويلة.. تبحث عن كيف يمكن حماية الغنى القادم