الطاهر ساتي

آفات الأرض ..!!


:: كان نقاش الأصدقاء عن جريمة زنا المحارم ومخاطرها في المجتمع، فدخل عليهم أحد الحمقى وإستمع قليلاً ثم صاح فيهم بغضب يُعبر عن رفضه لهذه الجريمة : ( لاحول ولاقوة إلا بالله، والله لو إدوني مليون جنيه ما كنت بأعملها)، فضحكوا لأن تعبيره الرافض هذا يوحي بأنه ( ممكن يعملها) في حال زيادة المبلغ ضعفاً أو أكثر..وهكذا تقريباً تعبير بعض نواب المجالس والبرلمان قضايا الناس والبلد، أي لايتقنون التعبير، وهذا لو أحسنا الظن في صدق المقصد وسلامته ..!!

:: وعندما ناقش المجلس التشريعي بالخرطوم تقرير وزارة الزارعة وما به من قضايا الإستثمار الزراعي، عبًر أحد النواب عن رفضه لظاهرة سرطانية في دنيا الأراضي بشقيها الإستثماري والسكني، ولكن – للأسف – خانه التعبير هذا النائب البرلماني عندما إختزل الظاهرة السالبة في عالم النساء فقط .. إذ قال النائب إدريس علي : (بعض النساء يقمن ببيع وشراء الأراضي)، أي يعملن في مجال (السمسرة)..وبعد إستنكاره للظاهرة، قال بالنص ( دي ما شغلتهن).. وحسب هذا التعبير، فالظاهرة السالبة – في حد ذاتها – غير مرفوضة، فالرفض أن تحترفها النساء لأنها ( ما شغلتهن)، أما الرجال فلا بأس ..!!

:: فالبلاد بحاجة إلى قوانين و أليات تملك الأرض لمن (يفلحها أو يُشيدها)، وليس لمن (يُتاجر فيها)..نعم للأسف، بسوء النهج في كيفية إدارة الأرض، صارت الأرض – زراعية كانت أو سكنية – في السودان ( سلعة غير مشروعة)، كما دولار السوق الأسود.. ولم تعد الأرض بمورد إنتاج وإستقرار..وعلى سبيل المثال، بالعاصمة احياء ومشاريع تم توزيع أرضها بأمر وإشراف السلطات الحكومية قبل عقد ونصف من الزمان، ولا تزال هذه الأحياء والمشاريع بلا منازل أو زرع.. فالحال يُشير إلى أن الأرضي التي وزعتها الحكومة ليست للسكن ولا للزراعة، بل ( للتجارة)، وكأنها قطع غيار وليست بقطع أراضي..!!

:: وتُجار الأراضي يمتلكون بهذه الأحياء والمشاريع عشرات القطع والأفدنة.. يتاجرون بها فيما بينهم، أو يخزنونها لحين وقوع مغترب في براثن أطماعهم.. وبالمناسبة، جهاز الضمان الإجتماعي ( أكبر سمسار أراضي)، ليس بالسودان فحسب، ولكن على مستوى القارة.. بأموال العاملين والمعاشيين – مقدرة ب 4.5 مليار جنيه بالجديد- يشتري هذا الجهاز آلاف القطع والأفدنة من الحكومة و يخزنها ثم يبعها للناس بضعف السعر أو بأضعاف سعرها.. ولهذا – أي بالسمسرة والتجارة – ليس بمدهش أن يتساوى سعر المنزل بأحياء الخرطوم الوسطية مع سعر ثلاثة منازل في ( وسط لندن)..!!

:: وأسالوا المغتربين عن هذه (المفارقات)، ولن تجد سبباً غير تحويل الأرض – بعلم الحكومة وأجهزتها وسياساتها إلى سلعة نادرة – كما اليورانيوم المخصب – في بلد المليون ميل مربع ( ناقص الجنوب طبعاً)..المهم، إستنكار النائب البرلماني إدريس مقبول، ولكن يجب أن يشمل إستنكاره (الرجال أيضا).. ومكافحة تجار الأراضي وسماسرتها أمر في (غاية البساطة)، وأقترحتها من قبل، وهو فرض رسوم باهظة – سنوية – على قطع الأراضي غير المشيًدة، مع إستثناء مٌلاك القطعة الواحدة وهم الشريحة العاجزة عن بناء منزلها لحين تحسن ظروفها الإقتصادية.. وكذلك نزع أراضي كل المزارع والمشاريع والمصانع التي تم توزيعها لمن أسموا أنفسهم بالمستثمرين ولكنهم بدلا عن إستثمارها ( يسمسروا فيها)..بقوة القانون، فلتكن الأرض لمن (يسكنها أو يفلحها)، وليس لمن يتخذها ( سلعة) ..!!


تعليق واحد

  1. و أزيدكم كيل بعير , هنالك إعلانات نطالعها في الصحف عن مخططات سكنية و شهادات بحث فورية و مربعات ذهبية , هذه المخططات لا نعرف هوية الشركات التي تملكها و كيف إمتلكتها ؟ كما نلاحظ في بعض المخططات التجارية هذه أعمدة كهرباء و أسلاك مثل حواشات القصب بلا ناس و بلا حياة بينما القرى المأهولة بالحياة منذ عشرات السنين تعجز عن دفع القسط الاول لشركة الكهرباء لكي تبدأ عملية التوصيل .
    و قبل أشهر و لايزال هنالك مخطط يسمي جوهرة القصر وهبته الحكومة لصندوق العاملين بالقصر الجمهوري ( عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ) و ال عنده الحنة يحنن ضنب حصانه . صندوق العاملين بالقصر المنيف باع هذه القطع السكنية الي منسوبي إتحادات مهنية أقل مواطنة مثل العاملين في المالية و الكهرباء و اتحاد الصيادلية بسعر القطعة 35 مليون . ربما لأن القصر الجمهوري محل ما الرئيس بينوم و الطيارة بتقوم !!!!!!!