تأملات مرورية 2-3
ليست بالضرورة أن نخوض مع الخائضين لنصبح كتابا ناجحين، بل على العكس أعتقد أن رسالتنا الأساسية هي تقويم الرأي العام والتأثير عليه بحيث يصبح إيجابيا وفاعلا، لهذا اقترن بكامل التميز أن أحاول تعديل (الصورة المقلوبة) عن رجال المرور في أذهان الشارع العام. وقد لا يكونون على تمام المثالية لكنهم بالمقابل أفضل من غيرهم ويقدمون خدماتهم الجليلة بتفان عظيم ومقابل يسير ولا يحق لنا اتهامهم الدائم بالفساد والتراخي والتهاون، إنهم فئة كغيرهم من الفئات بها الصالح والطالح لكننا لا نرى سوى نصف الكوب الفارغ، بينما تؤكد كل الوقائع أن هناك نصفا آخر يمتلئ بالإنجازات والإضافات النوعية في آليات العمل المكتبي والميداني ودونكم الغرفة التاريخية المتكاملة للخدمة المرورية التي تحمل الرقم (777) وتعمل بتقنية متطورة وعالمية في الرصد والمراقبة والمتابعة وتقديم خدمات المعلومات وتلقي البلاغات والتوجيه والتعامل المباشر مع الجمهور عبر الهواتف والرسائل القصيرة وهي الغرفة التي تتبع لها الآن حوالي (44) دورية تعمل في فك الاختناقات وتلافي الحوادث واتخاذ الإجراءات الأولية للبلاغات.
وبينما نشكو من تسلط رجال المرور وتعاملهم غير الحضاري تجدهم بالمقابل يشكون من خرقنا للقانون وتجاوزنا للإرشادات وسرعتنا الزائدة وكسر الإشارات وعدم التزامنا بالتوجيهات الأساسية مثل ربط الأحزمة وعدم التظليل وغيرها من الأمور التي نعلمها جميعاً ونتغاضى عنها سهواً أو عمداً، فالشاهد أننا شعب يتهاون بعضه في إنفاذ القانون ويصعب إلزامنا بكل ما يستوجب الالتزام.. مشاهد أخرى تؤلم رجال المرور أبرزها مشهد تجاوزات رجال القوات النظامية وعدم انصياعهم للتوجيهات، فإذا كان رجل المرور يطلب من أحدهم عدم التكلم بالهاتف الجوال أثناء القيادة ويشرع ربما في أسوأ الفروض لتحرير مخالفة مرورية ضده، ثم يفاجأ بأن رتبة قيادية من رجال الشرطة أو القوات المسلحة أو الأمن أو حتى بعض النافذين والمسؤولين يعبر بجوارهم مرتكباً ذات المخالفة!! أعتقد أن التصرف الوحيد الذي يمكن لرجل المرور اتخاذه حينها هو التغاضي عن المخالفة المذكورة للمواطن العادي والسماح له بالمضي مع كامل الأسى والخجل والإحباط.!!
من ناحية أخرى يجأر رجال المرور بالشكوى المريرة من المحسوبية والمحاباة، فحالما عمد أحدهم لإيقاف أحد السائقين المخالفين تنهال عليه المكالمات الهاتفية من رؤسائه ومن بعض النافذين لتعطيل سير العدالة المرورية فلا يعد أمامه سوى أحد أمرين.. إما الانصياع والتجاوز وقبول الوساطة أو رفضها ورفض التحدث عبر الهاتف، الشيء الذي قد يورده موارد الهلاك لاحقا ويعرضه ربما للإيقاف أو الحبس أو التقريظ فأيهما يختار بحسب رأيكم!؟.. هذا وغيره من سلوك سائقي المركبات العامة تحديدا وهم مشهورون بكثرة التجاوزات التي يعلمها الجميع ونعايشها على الطريق كل يوم.. والكثير المثير عن الجدلية الأزلية بين رجال شرطة المرور والمواطنين تحفظات هنا وهناك وضرورة ملحة لتوفيق وجهات النظر لمصلحة الجميع وهو ما نحاول أن نقوم به عبر هذا الاندياح وهو أضعف الإيمان ولا نزال نواصل الاسترسال.. غداً نواصل.