فدوى موسى

هوي انتو منو؟


لم تغب عن المخيلة الجمعية مقولة «من أنتم» حين تلفظ بها الرئيس الليبي الراحل المخلوع (القذافي).. كاد سائق المركبة العامة أن يقول للركاب «هوي أنتوا منو؟» عندما عمل على رفع تعريفة الرحلة عند ذروة الساعة والزحام إلى الضعف، فاحتج الغلابة الذين أكلت وجوههم الشمس الحارقة ولأنهم أحسوا أنهم حتى عند الاحتجاج لا أحد يقف وراءهم ويساندهم يبلعونها كما يبتلعون الكثير الكثير من الحقوق الضائعة.. الاحتجاج يعلو من أفواههم ولكنه يخفت رويداً رويداً عندما يصلون لقوله «هوي الما عاجبو يتفضل ينزل يركب أمجاد ولا ينزل يدينا عرض أكتافه»، بذات الإحساس المتجبر التقط الركاب الفكرة المحقونة بالإعتراض وقلة الحيلة وبدأت حساباتهم للأمر «قول احتجينا .. واتحمقنا ونزلنا.. نجيب من وين حق الأمجادات البقى أصحابها يتمنون فينا». وما بين هذا وذاك يدركون أن السائق القاسي كان يدرك قوله «أنتو منو ياهوي».

حلاتك وأنت مجنونة!:

لم يعد الجنون أن تكلم نفسك وحيداً في طرقات البلد الرئيسية أو الفرعية.. ولم يبق الجنون أن ترتدي من الملابس المهترئة وتتنزل على الأوساخ في حميمية متراكمة.. ولكن جنون هذه الأيام به من (الفلاحة والشدة) ما يقودك للاعتقاد بأن الجنون مرحلة من التعقل الزائد.. (هي) من ذلك النوع الذي تحس أنه قد ضل الطريق ما بين المرحلتين (رايحة يعني) تمارس مراسم العقل في (جانونة واعية)، وتمارس الوعي في روحان التوهان نظرتها للحياة لا تخلو من حكمة تحتمل الخطأ كما أنها تحتمل الصواب.. العاقل عندما يرأها يهمس لنفسه في إيقاع ضابط (حلاتك وأنتِ مجنونة).

جيناكم ومالقيناكم!:

حضرنا.. وأنتوا مافي.. بعلم الوصول والإفادة.. الحياة بكم تزداد فرحاً جاذباً ومن غيركم تزداد ألماً حقيقياً.. وفكرة أنكم هنا وأنتم لستم هنا بعض من تراخي الاستسلام للأحلام.. اليقظة تحملكم إلى مصاف عنان الأمل، والأحلام تسرح إلى أبعد من ذلك من خطوط الوهم والخيال.. وفكرة عدم إدراككم فيما بين مساحات التخيل والحقيقة أحياناً.. تترك بعض إرهاصات التعب والرهق النفسي.. فالانشغال مع الترهات والنقائص يبعث على ضياع المعالم الكبيرة لأهميات الحياة وربما لجوهرها الكبير.. معكم وبكم تزدهر الزروع التي ضربها اليابوس، وغطى عليها جفاف السنين.. لاعزاء للحضور عند غيابكم أو للغياب عند حضوركم.. فأنتم دائماً ترسمون الأشواق للقادم.. لباكر.. للآتي.

آخر الكلام:

أشتات الأمور تتجمع جزئيات مركبة في بهي طلتكم الجميلة.. وأنتم ترسمون لوحة مختلفة لدنيا سريالية كثيرة الألوان المفرحة.. ومزيج أخلاط ألوان الحزن القاتمة التي تنسرب من بينها انسراباً.. وتبقى اللوحة مرسومة في العصب..

(مع محتبي للجميع).