عندما تطغى السياسة على الخدمات الأساسية
*هذه ليست المرة الأولى التي أعلن فيها إنحيازي للمخبرين الصحفيين والصحفيين الميدانيين، خاصة الذين يهتمون بقضايا المواطنين ويتابعون أخبارها، ويعكفون على إجراء التحقيقات الاستتقصائة حولها.
*رغم أنني أصبحت مجرد كاتب صحفي ، بعد حياة مهنية تدرجت فيها من العمل بقسم الأخبار حتى تبوأت رئاسة تحرير عد من الصحف في فترات مختلفة، فانني ما زلت منحازاً للمخبرين الصحفيين، وفي نفس الوقت أعتبر الكتابة الصحفية مسؤولية أخلاقية وتوعوية ووطنية مهمة.
*لذلك أنحاز للصحافة الخبرية التي تهتم بالتحقيقات والاستطلاعات الصحفية الميدانية، دون أن يعني ذلك أنني لاأهتم بصحافة الرأي التي نحتاج لها للتعبير عن الرأي والرأي الاخر في مناخ ديمقراطي ضروري ومهم للتنافس الصحفي الشريف الذي يساعد في دفع العمل الصحفي وتطويره وتنميته.
*إن الاهتمام بمتابعة الأخبار لاينطلق من موقف فضولي ناجم عن إشباع غريزة حب الاستطلاع، وإنما لأن الأخبار تطعينا مؤشرات مهمة عن الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية والصحية ….الخ، كما أنها تعين الكتاب في تناول القضايا اليومية الملحة.
*من الأخبار التي إستوقفتني قبل يومين خبراً يشير إلى ارتفاع حالات الإصابة بالملاريا في السودان إلى مليون حالة هذا العام، بزيادة تقدر بنسبة٢١٪من حالات العام الماضي، مما يعني ضعف مردود الحملة القومية للقضاء على الملاريا، واستمرار مخاطر هذ المرض اللعين على المواطنين.
*لا ينفصل هذا الخبر عن الأخبار المقلقة الأخرى المتعلقة بهجرة الكوادر الطبية وارتفاع أسعار الادوية وشح بعضها، وضعف المقدرة الشرائية لغالب المواطنين، خاصة أولئك الذين هم أكثر عرضة لمثل هذه الامراض اللصيقة الصلة بالأوضاع المعيشية والإقتصادية.
*في مثل هذه الظروف التي تستوجب إهتماماً أكثر بالخدمات الأساسية والحاجات الضرورية للمواطنين من تعليم وصحة وصحة بيئة وتوفير مياه نقية صالحة للشرب، يطغى الاهتمام بالقضايا السيساسية الخلافية مثل الإنتخابات المكلفة غير المتفق عليها، والمعارك والنزاعات التي لاتخدم للوطن ولا للمواطنين قضية، والتضييق على حرية التعبير والنشر، الأمر الذي يهزم المشروعات الخدمية الضرورية التي تصب لصالح المواطنين.