فدوى موسى

مرض المواصلات!


علاقتنا بالمواصلات لا تنفصل في مداها اليومي حتى وإن ابتسمت الأيام وامتكلنا وسيلة خاصة، إلا أن ركوب المواصلات العامة باقياً ومرجعياً.. استوقفي خبر بالصحيفة يقول عنوانه «المواصلات العامة تضرب بالجلد وتؤدي لظهور التجاعيد المبكرة» وفقاً لما خرج به خبراء بريطانيون وذلك بتكرار الإجهاد والتوتر مع استخدام وسائل التقنيات والتعرض للأشعة المرتبطة بالركوب في المواصلات العامة.. ولو أن الخبراء جاءوا ووقفوا على التجربة السودانية فيما يخص المواصلات العامة لعرفوا أن المواصلات تحتاج لكرنتينة (عديل).. من فرط الزحام والجو المتقلب والبيئة المتردية في المحطات والمواقف واختلاف السحنات والوجوه، ومدى الحالات النفسية.. وبند المواصلات العامة عبارة عن دنيا قائمة بذاتها من محتوى ومتون وحواشي الناس.. ففيها المفرط الآمل، والذي وصل به الحال للزهج والقنع من خيرها وشرها.. فيها العاقل حد الانتباه والزاهد درجة الاستسلام.. فيها المجنون الذي يجعلك تراقبه بشكل محكم.. ثم لك أن تتخيل لو أن الخبراء البريطانيون جاءوا يحصون مسببات التلوث من حول وداخل وخارج المركبة العامة، مما يزيد ويعلي من نسب التعرض لاحتمالية المرضى والتعرض لكل ما يسبب المرض.. والزائد أن مواصلاتنا العامة بجانب التزاحم والتدافع والزحام اليهام كثيراً ما تكون متسخة المقاعد والداخل.. (أها جاءنا مرض جديد أسمه مرض المواصلات شدوا حيلكم يا ركاب).

ركاب قمة الرقي!:

بالنظر لما يقابل مواصلاتنا هذه هناك المواصلات في الدول المتقدمة تشبه (العظمة التي تقابل الركوب الخاص عندنا من فرط النظام والترتيب فيها).. ذات الذي يقول عنه (الخبراء البريطانيون أنه يسبب المرض الجلدي) والشاهد أن بند المواصلات مشكلة ومعضلة حقيقية في بند يوميات المواطنين السودانيين المتعاملين معها.. وقد أعيت بأمرها الحكومات المتعاقبة في ظل عدم تطوير وتحديثها والنظر إليها بالجد الذي تحتاجه.. حتى مشروع البصات الأخير الذي كنا نرى فيه احتراماً للركاب لم يبلغ هدفه الكامل، حيث نلحظ أن أعداداً قليلة جداً منها هي العاملة الآن وسط اسطولات الحافلات الكثيرة الخاضعة لأصحابها.. وليكن الركاب حضوراً راقياً في هذه البصات، فإن التكييف داخل البص من كراسي محترمة، وبيئة مرتبة كانت محفزة لتوقع مستقبل واعد لتحيل القطاع المواصلاتي بصورة جاذبة ومحترمة، ولكن يبدو أن صفة (راكب راقي لن تكون قريباً من حظنا) نحن السودانيين.

آخر الكلام: -التعاطي مع المواصلات العامة كخدمة للجميع في دول العالم تعتبر ميزة اعتيادية لأن أي خدمة عندهم يؤدونها كأنها أجود ما يكون.. فمتى نأخذ أحلى ما يقدمون ونترك ذلك الغباش والعتامة في الرؤية.

(مع محبتي للجميع).