الهندي عز الدين

مركب “الصادق”.. بعيداً

احفظوا عليكم (دبايبكم) !!
أصدر حزب الأمة القومي بياناً مطولاً أمس عقب اجتماع قيادي بالقاهرة ضم رئيس الحزب الإمام “الصادق المهدي”، ونائبيه اللواء (م) “فضل الله برمة ناصر” والفريق “صديق إسماعيل” والأمينة العامة، الناطقة الرسمية الجديدة باسم الحزب الأستاذة “سارة نقد الله” و رئيس المكتب السياسي بالإنابة الدكتور “محمد المهدي حسن”، ومستشار رئيس الحزب الدكتور “علي حسن تاج الدين”.
البيان سرد أجندة الاجتماع ومحاوره وقراراته، وأظنه لم يخفِ كثيراً من تفاصيل وأسرار اللقاء المهم، فقد لفتت انتباهي شفافيتهم وهم يتحدثون في بيانهم ودون مواربة، عن أزمة (مالية) تحاصر الحزب، وضرورة معالجتها بتحديد قائمة من العضوية للمساهمات المالية وضبطها!!
وبقدر ما سرتني هذه الشفافية والاعتراف (المُر) بالفلس، حزنت لروح البيان ومفرداته التي تؤكد أن (الداخل) وتيار الحوار و(7+7) والعمل السياسي (السلمي) خسر أهم رموزه وأغلى أرقامه.. السيد “الصادق المهدي”.. للأسف الشديد.
بدا واضحاً أن مركب (الإمام) غادرت بعيداً عن شاطئ “الملازمين” الناعم الوريف الذي كان موجُهُ هادئاً، مَدُّه غير صخاب، وجزره ليس غدار، ولم تزحف على رماله يوماً (تماسيح) !!
وبيان قيادة حزب الأمة يتغزل في علاقته بـ(الجبهة الثورية) ويعتبرها (تشكل توازناً للقوى الوطنية)، بل يصف تحالف (الحزب) مع (الجبهة) بأنه (رأسمال وطني للسودان)!! فمن كان السبب يا سادتي.. فها قد عاد “الصادق” بأكبر أحزاب المعارضة على الإطلاق وبلا مزايدة أو مكابرة، إلى (المربع الأول)!! كم منا في السودان وفي كل يوم من (يشيلوا يديهم ويطبظوا بيها عينيهم)؟!!
ورغم تأكيد بيان “الصادق” وأركان حربه على الموافقة غير المشروطة على المشاركة بالتضامن مع (الجبهة الثورية) في الملتقى التحضيري للحوار مع الحكومة في “أديس أبابا” يومي (29، 30/ مارس الجاري)، إلا أنه اشترط كما فعل حلفاؤهم في (الجبهة) تجميد الانتخابات ووقف محاكمة “أبوعيسى”، “أمين مكي” و”فرح العقار” وإطلاق سراحهم، وإلغاء التعديلات الدستورية الأخيرة كـ(هامش جدية) من الحكومة.
بشأن عودة زعيم الحزب للبلاد، قال البيان إن الجميع وافق على بقائه بالخارج لحين إثبات الحكومة جديتها في الحوار بنجاح (الملتقى التحضيري) بأديس.
2
وفي ظل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم، يفكر البعض – سراً وجهراً – في (تخفيض) عدد الصحف في السودان بإجراءات إدارية ومالية وقانونية وغيرها، رغم أن هذا العدد، الذي يراه بعض الحاكمين مهولاً، لا يساوي (نصف) عدد الإصدارات اليومية والأسبوعية والشهرية والمجلات والملاحق التي تصدر عن (دار الأهرام للطباعة والنشر) في “مصر” الشقيقة.. والقريبة وتمولها الحكومة المصرية هذا غير دارين أخريين (الجمهورية) و (الأخبار) ومجلات وفضائيات بالكوم !! يحدث هذا في زمن أصبح فيه المواطن السوداني منسحباً باستمرار عن الكتب والمكتبات، مما أحدث تراجعاً ثقافياً مريعاً في أوساط الأجيال الشابة !!
إغلاق الصحف أو التضييق عليها بالضرائب والأتاوات وغيرها، أو دمجها (قسرياً) يعني هجرة (مئات) الصحفيين وعشرات رؤساء ومديري التحرير إلى دول شقيقة أو (معادية) للعمل في صحافتها كيفما يتوفر.. وحينئذ ستعلمون أن نشر خبر عن فساد في وزارة أو محلية، أو اختفاء صحفي في عطبرة في ظروف غامضة، يشبه قول المثل: (عتاب الحبيب مثل أكل الزبيب) !!
وطبعا أكل الزبيب ما زي عضة (الدبيب) !!
احفظوا عندكم (دبايبكم).. وخلونا من نغمة (الجرايد كتيرة).. وكان عندكم قروش بتدفعوها ليها وقفوها بكرة.
هجرة الأقلام ليست كهجرة الأطباء، فمن – يا سادتي النابهين – قاد ويقود الحملات في (العربية) و(سكاي نيوز) و (الجزيرة) وصحف خليجية ولندنية غير صحفيين سودانيين (معارضين) ؟!!