نور الدين مدني

“الحزم”والتنادي للسلام والحوار


*لا أدري لماذا تذكرت التدخل العسكري المصري التاريخي في اليمن في عهد الرئيس الأسبق جمل عيد الناصر – رحمة الله عليه – لمناصرة الثورة اليمنية ضد الملك يحي – عليه رحمة الله – وكيف أنني ناصرت هذا التدخل وسط تمدد تيار القومية العربية في ذلك الوقت.
*جرت مياه كثيرة في بلادنا ومنطقتنا والعالم المحيط بنا أثرت في مجرى رؤاي السياسية والفكرية، خاصة بعد التجربة العملية التي عايشتها وعملت بها إبان الحقبة المايوية، إقتنعت بعدها بأن حكم الحزب الواحد – مهما كانت الشعارات التي يرفعها – لايمكن ان يحقق تطلعات الشعوب نحو الحرية والعدالة والديمقراطية والسلام والتنمية.
*على أرض الواقع حدثت متغيرات كثيرة إبتداء من سقوط الأيديولوجيات الصماء وحتى سقوط الحدود الجغرافية في ظل الحراك العالمي سياسياً وإقتصادياً وإعلامياً وثقافياً وفنياً و.. الخ إلا أن الدولة القطرية تظل قائمة تجمع مواطنيها تحت مظلة عقد المواطنة.
* اليمن – الذي كان سعيداً – شهد ذات المتغيرات الدرامية التي جعلت الحوثيين الذين كانوا من ألد أعداء الرئيس السابق لليمن على عبد الله صالح حلفاء له في الاونة الأخيرة، حتى تمدد وجودهم في اليمن وصاروا يهددون أمن المنطقة المحيطة ، خاصة المملكة العربية السعودية.
*لعل هذا يفسر لنا لماذا أضطرت المملكة العربية السعودية المعروفة برزانتها وحكمتها في إدارة شؤونها الداخلية وعلاقاتها الخارجية للدخول بتقلها في عملية عاصفة الحزم الموجهة أساساً ضد القوات الحوثية في اليمن.
*نحن نقدر دوافع وأسباب عملية عاصفة الحزم، لكننا في نفس الوقت ندرك أنه في العمليات العسكرية لايوجد نصر كامل أوهزيمة كاملة ، كما أنها ليست الوسيلة الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار والتراضي الوطني المنشود في اليمن أو في غيرها من البلاد.
*أن الأخطار المحدقة بكل البلاد تحت التكوين مثل بلادنا نتيجة للخلافات السياسية والنزاعات العسكرية تستوجب التنادي والجلوس إلى مائدة الحوار لحقن الدماء بين أبنائها وتحقيق السلام والاستقرار والعدالة والديمقراطية والتنمية فيها.
*ليس من مصلحة أي طرف من الأطراف جر المنطقة إلى حرب إقليمية يمكن أن تنطلق في أي لحظة، ونرى ضرورة إستثمار هذا التضامن الإيجابي الذي جسدته عاصفة الحزم في اليمن للتنادي للسلم والحوار داخل اليمن أولاً، وبين دول المنطقة المختلفة في المنطقة، لتأمين السلام والإستقرار في المنطقة وتعزير التعايش الإيجابي وبناء جسور الحوار الفكري بينها، بدلاً من الحروب والنزاعات المكلفة إنسانياً وإقتصادياً وأمنياً بلا طائل.