جمال علي حسن

الانتخابات.. رصيد تراكمي للوطني


ما يميز فترة حكم الإسلاميين في السودان أنهم عاشوا حياتهم السياسية فيها بالطول والعرض كما يقولون ولم يتركوا شيئاً لم يجربوه.. بدأ عهدهم بالتمكين والجهاد ثم خاضوا أطول تجارب التفاوض مع جماعات وحركات مسلحة ووقعوا كماً هائلا من الاتفاقيات مع المسلحين والقوى السياسية الشمالية بعضها استمر والبعض الآخر انتهى.. خبرة كبيرة في المفاوضات والاتفاقيات منذ ما قبل نيفاشا وابوجا واتفاقية الخرطوم ووصولا ًإلى مفاوضات أديس وجولاتها اللا نهائية.. لكن كل تلك التجربة الطويلة لم تكن خصماً على موقفهم من مقبض السلطة واستمرار تجربة الحكم.. مراحل وعهود وتغييرات كثيرة شهدتها البلاد..

حكموا (بالحلوة والمرة) كما يقولون.. منذ مرحلة الشمولية القابضة وحتى تجربة الانتخابات التي استطاعوا أن يحافظوا على إقامتها في توقيتها المحدد مسبقاً دون تأخير أو انتظار.

ومهما تكن من تحفظات عند الكثيرين حول إصرار الحكومة على إقامة الانتخابات في موعدها يوم غدٍ الاثنين إلا أن هناك حقيقة مهمة يجب الانتباه إليها هي أن حزب المؤتمر الوطني الآن أصبح يمتلك خبرة تراكمية طويلة في العمل السياسي والجماهيري بالمقارنة مع كل الأحزاب السياسية الحديثة والتقليدية الأخرى التي انقطعت عن العمل الجماهيري والتحشيد الشعبي والنشاطات السياسية لأكثر من ربع قرن لم تخض فيها تجربة انتخابية..

الوطني حتى ولو كانت الانتخابات الحالية مضمونة النتائج لكنه يحاول أداءها كما لو كان يخوضها بمنافسة أكبر وأمام منافسين أخطر من المنافسين الحاليين.. يؤدي الوطني الانتخابات الحالية كما لو كانت منافستها شاملة وكاملة مع كل القوى السياسية المعارضة والمقاطعة للانتخابات الآن..

يؤديها الوطني كما ينبغي أن تؤدى وهذا محسوب لتجربتهم ورصيدهم المتنامي في العمل الجماهيري حيث أنه لو قدر الله أن تخوض كل القوى السياسية انتخابات قادمة في سنوات لاحقة مهما تكن ظروفها فإن الواقع والمنطق يقول إن حزب الوطني الحاكم سيدخل تلك الانتخابات بفرصة أكبر من غيره من الأحزاب المقاطعة الآن والتي لا تنتبه قياداتها لقضية انقطاع تجربتهم في تكدير وتأهيل كوادرهم التنظيمية أو تجريب أجهزتهم الحزبية عملياً.. حزب مثل الحزب الشيوعي السوداني أو حتى حزب الأمة نفسه انقطعت تجاربهم لسنوات طويلة جداً.. ونسوا طرائق ووسائل وأساليب العمل السياسي المفتوح في مقابل حزب مثل الوطني حتى ولو افترضنا أنه ينافس نفسه الآن فإن الحقيقة تقول إنه برغم ذلك يراكم تجربته التنظيمية بشكل متواصل يؤهله لأن يتحول إلى المنافس الأخطر أمام الجميع والأكثر تأهيلا ًبينهم للعمل في حالة العودة لصناديق الاقتراع لاحقاً..

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.


تعليق واحد

  1. أتفق معك عزيز في أن المؤتمر الوطني كسب خبرة طويلة في المكوث في الحكم والقضاء على خصومه بشتى السبل تارةً بشراء الذمم وأخرى بالإقصاء لمن لم يمشى معهم في نفس الإتجاه.
    ولكن إذا إنجلى الظلام سوف ينهار ما بنوه هولاء العصابة لأن ما بنى على باطل فهو باطل ولنا في تجارب الآخرين عبرة وعظة.