تحقيقات وتقارير

هل سيتجاهل الشعب السوداني البشير في الانتخابات الرئاسية؟

أراد آلاف من السودانيين الذين شاركوا في المهرجان الانتخابي الأخير للرئيس عمر البشير في ملعب بالخرطوم أن يعرف العالم أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السودانية ستكون بالغة الأهمية.

ولهذا رقصوا وغنوا وتعالت أصواتهم طربا وتهليلا عندما وصل البشير إلى الملعب.

وقال أحد أنصار البشير “إن من واجبي الوطني أن أصوت” في الانتخابات الرئاسية، موضحا أن صوته الانتخابي سيذهب إلى الرئيس.

لكن بالنسبة إلى الكثيرين، فإن هذه الانتخابات التي سيكون فيها الاقتراع على مدى ثلاثة أيام أي من الاثنين إلى الأربعاء، لا معنى لها.

وأضاف أحد السودانيين وهو ينتظر حافلة بالقرب من المهرجان الانتخابي “نحتاج إلى التغيير في بلدنا. هناك فساد مستشري هنا جلبه هذا النظام. نستحق حياة أفضل”.

لكن من المستبعد جدا أن يحدث التغيير أي تغيير القيادة السياسية على الأقل عن طريق صناديق الاقتراع.

تُقاطع معظم أحزاب المعارضة السودانية هذه الانتخابات. وبهذه الخطوة، فإنها تترك، عمليا، البشير وحزبه حزب المؤتمر الوطني بدون منافسة تمنعه من الفوز بأغلبية كبيرة.

وفي الحقيقة، فإن حزب المؤتمر الوطني يشعر بثقة عارمة إذ لم يرشح ممثلين عنه في 30 في المئة من الدوائر الانتخابية بهدف تمكين الأحزاب السياسية المنافسة من الفوز ببعض المقاعد في البرلمان المقبل.

لكن لماذا دعت معظم أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات؟
احتجاز سياسيين
يشارك 44 حزبا في الانتخابات البرلمانية

أعلن الرئيس البشير في يناير/كانون الثاني 2014 حوارا وطنيا بشأن كيفية حكم السودان.

يبدو هذا الحوار الوطني مناسبا بعد عقود من غياب الحكم الرشيد والحرب الأهلية التي تكاد تكون مستمرة في أجزاء مختلفة من البلد.

لكن لم ينطلق حوار وطني حقيقي إذ تشعر معظم الأحزاب المعارضة أن الحوار الذي تشتد الحاجة إليه بات مستحيلا بعد احتجاز قادة المعارضة وتكميم أفواه الصحافة واستمرار النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

وعبرت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج المعروفة مجتمعة باسم “الترويكا” عن “خيبة أملها الكبيرة بسبب عدم انطلاق حوار وطني حقيقي في السودان وغياب بيئة تساعد على تنظيم انتخابات تشاركية وموثوق فيها”.

وأصدر الاتحاد الأوروبي بيانا مماثلا، الأمر الذي جعل السلطات السودانية تستدعي ممثل الاتحاد في السودان لتوضيح موقفه.

راكم الرئيس السوداني رأسمالا سياسيا بسبب مواقف العداء التي اتخذها تجاه الغرب، والتي تُصور أحيانا على أنها هجوم على الإسلام أو على السودان بصفة عامة.
تنازلات
تعرضت بعض وسائل الإعلام للتكميم

تفاقم هذا الوضع عندما اتهمت المحكمة الجنائية الدولية الرئيس البشير بارتكاب إبادة جماعية وجرائم أخرى مزعومة في دارفور لكن البشير ينفي التهم الموجهة إليه.

الانتخابات السودانية

الرئيس البشير يترشح ضد 15 مرشحا آخر غير معروفين
44 حزبا مشاركا في الانتخابات البرلمانية

القضايا الرئيسية

العلاقات مع الولايات المتحدة: رفع العقوبات الاقتصادية وحذف السودان من القائمة الأمريكية بشأن الدول الراعية للإرهاب
تأمين السلام: استمرار القتال في غرب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق
الاقتصاد: عندما انفصل جنوب السودان وأصبح دولة مستقلة، فقد البلد معظم مداخيل النفط المهمة للاقتصاد السوداني

كيفية إجراء الانتخابات السودانية

حصل الرئيس السوداني على دعم في العالم العربي وأفريقيا، ولهذا من المحتمل أن تكون بلدان عربية وأفريقية أكثر تجاوبا مع هذه الانتخابات مقارنة بنظيراتها الغربية.

وقدم النظام السوداني في الأيام التي سبقت هذه الانتخابات تنازلا اعتبره البعض تنازلا طال انتظاره إذ أفرجت السلطات في الأسبوع الماضي عن فاروق أبو عيسى وهو سياسي معارض مخضرم وأمين مكي مدني، رئيس ائتلاف جمعيات المجتمع المدني.

اعتقل هذان السياسيان منذ ديسمبر/كانون الثاني الماضي بعدما وقعا على اتفاق مع الجبهة الثورية السودانية المتمردة. هذا التحالف المحتمل بين معارضة مسلحة وأخرى غير مسلحة يشكل مصدر قلق بالغ بالنسبة إلى الرئيس البشير وأنصاره.

وألمح بعض المتمردين إلى أنهم قد يلجأون إلى عرقلة الانتخابات. ولن تُجرى الانتخابات في بعض أجزاء جنوب كردفان لأنها تحت سيطرة متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان-الشمال.

وليس من الواضح كيف سيكون من الممكن التصويت في أجزاء من دارفور والنيل الأزرق.

أطلقت المعارضة حملة “ارحل” التي تدعو فيها السودانيين إلى مقاطعة الانتخابات. وهذا يعني أن من المهم مراقبة نسبة المشاركة في الانتخابات.
تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة

سيكون من المهم أيضا رصد مواقف المجتمع الدولي من هذه الانتخابات.

شابت الانتخابات الأخيرة التي نظمت في عام 2010 خروقات عديدة لكنها لم تحظ بالتغطية اللازمة بسبب الانشغال بحدث الاستفتاء في جنوب السودان واستقلاله عن السودان ليكون أحدث بلد ينضم إلى الأمم المتحدة.

لكن يبدو في هذه المرة أن الغرب مستعد أكثر من قبل لانتقاد هذه الانتخابات. ولهذا، فإن السودان معني بموقف الغرب منه والولايات المتحدة على وجه التحديد إذ يرغب في التخلص من عبء الديون المفروضة عليه، وهذا قرار لا يملك أن يتخذه سوى البلدان الغربية.

ولهذا، قد يلجأ الرئيس البشير وهو الفائز المفترض في هذه الانتخابات الرئاسية إلى إجراء بعض التغييرات على مستوى الوجوه القيادية في حزبه لاستثمار هذه الفرصة.

لكن الفوز في هذه الانتخابات الأحادية الجانب (أي التي لا تشارك فيها وجوه سياسية معروفة وإنما البشير فقط) قد لا يرفع أسهم الرئيس ويحسن سمعته في أماكن أخرى من العالم.

BBC