الحوت والانتخابات
قرنفلة للدخول
كان الفنان الراحل محمود عبد العزيز، واحداً من أعظم الذين مروا على تاريخ الغناء السوداني الطويل، ورقم لا يمكن إلا الوقوف عنده لاعتبارات كثيرة متعلقة بموهبته وقدرته واختياراته زائداً إنسانيته التي شكلت جزءاً مهماً في مسيرته العبقرية.
والحوت اشتهر أيضاً برفضه كل أنواع الظلم والقهر، وظل في مرات كثيرة يحتفل بكبريائه رافضاً التسول ومبدأ سرقة تجربته واستغلال حب الناس له في المتاجرة أو الكسب على حساب العواطف.
قرنفلة ثانية
فوجئ السودان كله في انتخابات هذا العام بترشح شقيق الراحل الحوت (مأمون) ووالدته الحاجة (فائزة) في السباق الانتخابي للبرلمان كلُ عن دائرة مختلفة .
وانكسر خاطر كثير من محبي الراحل وهم يرون أن الخطوة التي اتخذاها شقيقه ووالدته، فيها كثيراً من التجني ومحاولة التكسب من وراء اسم وتاريخ ابنهم، ومحاولة استخدام العاطفة في السياسة لنيل مكسب لم يكن في أي يوم من الأيام حقاً من حقوقهم الأساسية.
مجموعة أسئلة تدور في الأذهان الآن، لعل أبرزها؛ هل يأتي ترشح مأمون عبد العزيز والحاجة فائزة على جماهيرهم وجماهيرية الأحزاب التي ترشحوا عنها أم باستغلالهم جمهور الحواتة في هذا السباق، وهل كان من الممكن أن يكونا معروفين لولا صلتهم بالراحل، وهل كانا يشكلان أي وجود سياسي أو اجتماعي في حياة محمود وجمهوره قبل وفاته.
شقيق الحوت ترشح عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، والدته ترشحت عن الحزب الاتحادي الاشتراكي المايوي، دائرة المرأة. ولا نظن – وبعض الظن إثم – أن للحزبين وجود كبير أو سيرة كبيرة تجعل من اقترانهما بالاسمين سبباً أساسياً للفوز في الانتخابات.
لكن السؤال الذي قد يكون ملحاً الآن هو؛ هل كان الحوت سيستغل جماهريته هذه في الترشح للبرلمان أو الرئاسة، وهل كان سيقبل بأن يترشح أحد أفراد أسرته.
وسواء فاز المرشحان ونالا عضوية البرلمان السوداني، فهل كان ذلك بواقع استحقاقهما أم بفضل جماهيرية الحوت.
لدينا يقين ثابت أن لو ترشح الحوت لاكتسح الانتخابات بدون منافس، لكنا نعلم أيضاً أن الراحل كان أكبر من أن يتاجر بفنه وتاريخه، وأسمى من التقوقع في خانة عضو لحزب سياسي لا يمكنه في أي يوم من الأيام صناعة تجربة بقامة محمود.
الذي نعلمه وتعلمه أسرة الحوت قبلنا أن الحواتة الآن يشكلون أكبر حزب في السودان، وأن البعض ربما يريد أن يستغل هذا الحزب لمصالحه الشخصية، وما نخشاه هو أن تمتد يد المتاجرة بالأسطورة لدرجات أخرى يصعب معها التكهن، لكنا نراهن أيضاً على وعي الجمهور السوداني وندرك أن الحواتة مهما اختلفت حولها الآراء كانوا يحبون محمود لفنه وإنسانيته وشخصه، وأن ذلك الحب سيظل وقفاً عليه فقط لا غير.
قرنفلة للخروج
العُشرة كيف رخصت وهانت
وأي زول الفيهو بانت
ما لقيت حبايب وقفو جنبي
غير القليل والروحو عانت
في مُصابي وقف مؤازر
ظروفو خاينة ما الدنيا خانت.
صحيفة التغيير