الطاهر ساتي

معالم الطريق الثالث ..!!


:: تتجاوز سرعة الغزال في بعض الحالات ( 100 كم)، ولكن سرعة النمر لاتتجاوز في كل الأحوال (70 كم)، ومع ذلك – في تاريخ الصراع من أجل البقاء – لم ينج غزال من أنياب نمر طارده، لماذا؟..هنا يشرح العلم ويتحدث علماء النفس، ويقولون أن أقسى وأسوأ أنواع الهزيمة هي (الهزيمة النفسية)، أي فُقدان روح العزيمة والإرادة ، ثم الإنهيار (خوفاً).. فالغزال، على سبيل المثال، عندما يطارده النمر، لا يراهن على قوة السرعة الكامنة في جسده لأن الهزيمة النفسية تسيطر على عقله ، ولذلك تنهار تلك القوة وتستسلم الروح والجسد لأنياب النمر..وهكذا الناس في الحياة ، وكذلك الأحزاب في عالم السياسة..!!

:: وبعد الغزال والنمر، على سبيل مثال أخر، نقرأ الآتي نصه.. (شكر وتقدير.. باسم الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل، نتقدم بوافر الشكر والتقدير للسيد رئيس المؤتمر الوطني بمحلية شرق النيل ونائبه والمكتب التنفيذي بالمحلية، ولرئيس المؤتمر الوطني بمنطقة الحاج يوسف وسط والدائرة 22 للمجلس الوطني، والذين ساهموا في نيلنا ثقة مواطني هذه الدائرة ممثلا لهم بالمجلس الوطني، وعهدنا للجميع العمل معا لرفعة وراحة مواطني الدائرة..فضل السيد عبد الله، نائب الدائرة 22 المجلس الوطني)، هكذا النص ..مرشح حزب يشكر حزباً آخر على فوزه، ولم يشكر قواعد حزبه (إن وُجدت).. الإتحادي الديمقراطي أعرق وأقدم من المؤتمر الوطني في عالم السياسة، ولكن بعامل الهزيمة النفسية تقزم لحد تقديم الشكر للمؤتمر الوطني على نهج ( فضينا ليهم الدائرة).. و( فضينا ليهم الدائرة)، نهج مراد به إذلال الأحزاب (القابلة للإذلال) ..!!

:: وعلى سبيل مثال ثالث من أمثلة (الهزائم النفسية)، نقرأ ما يلي.. (إن كان هناك تقدير خاطئ، فهو من المؤتمر الوطني، لأنه من إختار لنا هذه الدائرة، ولم نخترها نحن)، محمد أبوزيد، المسؤول السياسي لجماعة أنصار السنة موضحا- بالمجهر – أسباب هزيمة مرشح جماعتهم بدائرة (ود رعية).. هي منطقة ثقل للطرق الصوفية وشيوخها وقبابها، ومع ذلك إختارها لهم المؤتمر الوطني، أو كما يقولون بلا حياء ( فضى ليهم الدائرة)، ولذلك خرجوا وهم يجرجرون ( أذيال الهزيمة).. ولو تمعًن أبوزيد في حديثه لإكتشف بأنهم هزموا أنفسهم قبل أن تهزمهم إرادة أهل الدائرة، وذلك حين إرتضوا أن يختار لهم المؤتمر الوطني الدائرة ..إنها الهزيمة النفسية العاجزة عن الإختيار بروح التحدي، بحيث يتوسل ويتسول الدوائر من المؤتمر الوطني، وكأن دوائر السودان هي بعض ممتلكات وأصول المؤتمر الوطني ..!!

:: فالقوى السياسية التي قاطعت الإنتخابات، رغم إختلافي مع موقفها هذا لحد المشاركة بدعم المرشح المستقل برطم بدنقلا، إلا أن هذه القوى المقاطعة جديرة بالإحترام فقط لأنها لم تقف في صف التسول والتوسل المؤدي إلى نغمة ( فضوا لينا الدائرة)، وهي نغمة تعكس مدى ضعف وهوان هذه الأحزاب ..والمهم، كما قال أكثر من محلل سياسي وأكثر من كاتب، وكما قال الواقع بالدوائر القومية والتشريعية، فالمستقلون هم الطريق الثالث في المستقبل ( القريب جداً)..نعم، فاللا منتمي إلا للناس والبلد هو الملاذ الآمن لآمال الشباب ومستقبل بلادهم.. وبفضل الله ثم الوعي، فهذا الجيل لم يعد يثق في أحزاب عاجزة عن تجديد خطابها ونهجها وقيادتها بحيث تواكب المعنى الحقيقي لمصطلح ( الديمقراطية)..!!


تعليق واحد

  1. كلام في الصميم استاذ الطاهر دائماً مقالاتك تتسم بالموضوعية والواقعية والتحليل الدقيق للواقع ، ألا ليتهم يفهمون .