الكِتاب .. مُفتاح الثقافة!
كان الكٍتابُ خيرُ جليسٍ وصديقٍ ورفيقٍ، وكان الناسُ لا يجدون بُداً من مجالسته في أي وقت، ينسيهم كثيراً من الأحزان ويطعمهم تجارب الحياة بلا عناء فأحبوه طوعاً وطمعاً، الآن وبالتدريح تداعت قيمته وتناقصت أهميته فى عصر التكنولوجيا فأصبح هذا الحبيبُ مهجوراً فى ظل توفر وسائل الإطلاع المُستحدثة والمُبتدعه و لم يعد الكِتاب ذلك الفلك الذي فيه يدورون و به يتفاءلون ويمرحون وتأتيهم حيتانهم فيه فيولمون ويزرعون!
بدأ الخواء الفٍكري يتسلل إلينا بعد أن هجرنا القراءة وتركنا الكتاب للعنكبوت لتسنج خيوطها الواهنة حول غلافه مما أوهن ثقافتنا وأودى بها الى الهاوية، فما الكتاب إلا بًقعة طاهرةٌ إنفلتت من العقل لتحمل لنا الكثير من المعارف والخبرات والعلوم التى خطها لنا غيرنا ممن فتح الله عليهم بالبصيرة، هُم يحدثوننا من خلال أوراقه عن علومٍ وأخبار لا غني لنا عنها تاركين لنا فًسحةُ من التفكير ليمرح فيها خيالنا الخصب حتى تجتمع الصورة ويكتملُ نِصابها.
الآن و فى وجود أجيال لا تقرأ إلا بهدف التحصيل الأكاديمي والدراسي، أجيالُ تقضي وقت فراغها كوقت جِدها كأوقاتِ هزلها فى تسلية وترفيه أجوف لا يُسمن ولا يغنى من جوع حتى نتج عن ذلك مسخاُ هجيناً نشازاً في كل شئ! نبوغاً في التعري وملذات الحياة وتطاولٌ في كل شئ إلا من العلا وآمال الطموح، فنراهم يجرون منصوبهم وضح النهار ويضمون مكسوراً في حنوٍ بلا حياء فتسللت جلّ الثقافة منهم لواذاُ، فصغارنا لا يحملون للمستقبل هماً ولا طموحاُ تاركين وراءهم أحلامهم وأحلام الذين أتوا بهم لهذه الدنيا، ضاربين بعرض الحائط إرثاُ ثميناُ تُرك لهم بين حوائط الكُتب الغنية والثرية بما تحمله من عناصر الثقافة المطلوبة لبناء جيل عفي جديرُ بمواجهة تحديات العصر الحالي.
لم تُطمس ملامح هويتنا إلا عندما تراخينا فى التمسك بحبل القراءة ذاتٌ الشئ الذى شوّه تاريخنا وأنسانا جُغرفية الإنسان فى خارطة هذا الكون الواسع، فلم نعد نتتبعُ الحروف والكلمات التي ما فتئت تلهم بعض الثائرين على تكنولوجيا إحتضار الكتاب وتُنعشُ منهم من تبقى على اليقين حتى لا نُفجع بأن الفرق الذي بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون أخذ في التلاشي حد الزوال!
آن لنا أن نغرق بين دفتى كتاب حيثُ ستعودُ إلينا فعالية يوم القراءة في الخرطوم الذي تنظمه مجموعة من الشباب السودانى كأضخم فعالية للقراءة فى السودان، كما ستحظى مدينة بورتسوادن بيومٍ مثيل، ما اجمل الخرطوم و يورتسودان عندما تحتفيان بيوم القراءة فتتوسدان التراب و تتوشحان الكتاب لتعيد للكتاب سيرته الاولي كأهم مرجعية للعقل البشري، وتبعث عي هذه الأجيال روح القاءة المندثرة.
همسة:
الكتابة والقراءة صنوان لا يفترقان فكلُ منهما يصب فى معين الأخر، فحينما تتجه بنا أقدام التعبير وتسوقنا خطاوى البوح الى أن نستنطق المحابٍر والقراطيس ونلجأ إلى مُمارسة التفريغ الكتابي التي تُقلل من شُحنات الإحباط النفسي .. فأوا إلى جذعٍ القراءةِ علهُ يساقط علينا من كِسفه ما يُعيننا على ما نحنُ فيه!