الطاهر ساتي

وهذا موضوع آخر ..!!


:: منعاً للإزعاج، رفعت الحكومة سن المعاش إلى ( 65 عاماً)..والقرار ليصمت إتحاد عمال السودان، وكان مزعجاَ..والحكومة تعلم بأن سن المعاش – 60 عاماً كان أو 65 عاماً – لا يقرره اتحاد العمال ولا العامل (حسب هواه)..ومثل هذا الأمر لا يفتي فيه أي جهاز – تنفيذي أو تشريعي – بلا دراسات علمية..هناك معايير لتحديد (سن المعاش).. وبالمعايير – التي تتكئ على قواعد علمية واقتصادية – تحدد كل دولة ( سن التقاعد)..فالكثافة السكانية ونسبة الشباب فيها (معيار)، و معدل النمو الاقتصادي وفرص التوظيف فيه ( معيار)، والثقافة الغذائية وتأثيراتها الصحية ( معيار).. وهكذا..!!

:: وعلى سبيل أحد المعايير، فالتعداد السكاني الأخير أشار إلى أن السودان ( دولة شابة)، أي نسبة الشباب هي الأعلى..والطاقات الشبابية من الكنوز التي تفتقدها الدول ذات معدل النمو السكاني الضعيف والتي تعاني من ضعف نسبة الشباب في كثافتها السكانية ..ولكن في بلادنا، رغم أنف النمو المتواصل لنسبة الشباب في الكثافة السكانية، مارس اتحاد العمال ضغطاً على الحكومة لرفع سن المعاش إلى ( 65 سنة)..وللأسف، نجح الاتحاد في مسعاه – غير المدروس – ورفع سن المعاش ..!!

:: وعلى سبيل معيار آخر، تعرض إقتصاد البلد – ولا يزال – إلى آثار إنفصال الجنوب و خروج النفط من المعادلة الإقتصادية..وترتب على هذا، إرتفاع نسبة التضخم و تقزم نسبة النمو الإقتصادي..وهذا الوضع الإقتصادي يعني أن مساحة توظيف آلاف الشباب الذين يتخرجون سنويا في الجامعات والمعاهد بحجم دائرة ( خرم الإبرة)..ومع ذلك – أي بعد أن ضرب بهذا المعيار الإقتصادي العالمي عرض الحائط – طالب اتحاد العمال برفع سن المعاش .. وللأسف – مستغلا مناخ الانتخابات – نجح ..!!

:: والمدهش، أعلنت مفوضية الإختيار للخدمة المدنية عن سعيها إلى زيادة الوظائف الحكومية لهذا العام إلى أكثر من ( 40.000 وظيفة)..وتناقض غريب أن يأتي رفع سن المعاش بالتزامن مع إستيعاب كل هذه الفيالق..ولكن هكذا الخدمة المدنية، ترهل بلا إنتاج، وكأن الغاية من التوظيف هي ( تحقيق الكفالة) وليست (الانتاج والخدمة)..وقريباً، ستكتشف الحكومة أنها أخطأت باستجابتها لمطالب اتحاد العمال..نعم، عندما تضيق فرص التوظيف ( أكتر من كده)، و يرتفع معدل العطالة (أكتر من كده)، ويترهل الجهاز الحكومي ( أكتر من كده)..!!

:: وللأسف، دولتنا ليست كالدول التي يكتفي جهازها الحكومي بالرقابة والإشراف ثم تفسح مواقع الإنتاج والخدمات لشركات المجتمع لتستوعب الشباب وتنتج وتخدم وتنهض بالبلد..بل هي دولة تكبل القطاع الخاص بقيود الضرائب والآتاوات وكل أنواع الحرب على الإستثمار، وتتمدد هي – بأجهزتها الكسولة وخدمتها المدنية المترهلة- على كل مفاصل الانتاج و الخدمات،ويكون الحصاد دائما الإحتكار والترهل والفساد ورداءة الخدمات..كان عليكم إبقاء سن التقاعد (كما هو)، ثم تحرير عقول وطاقات الشباب – بتوسيع القطاع الخاص – من رق (الوظيفة الحكومية).. من المستفيد من زيادة خمس سنوات في سن المعاش؟..ليس العامل كما يتوهم البعض، بل السادة باتحاد العمال وأفرعه، وكذلك الجهاز الإستثماري للضمان الإجتماعي ..وهذا موضوع آخر ..!!


‫2 تعليقات

  1. أحسنت ,

    تحولنا الى دولة تحكمها الامزجة و الاهواء بعد تم تدمير الخدمة المدنية و تلك هي النتيجة المتوقعة .

  2. المصيبه انو اتحاد الهنا والسرور ما يفلح الا في المصائب ( صمت دهرا ونطق كفرا ) وتحول الالتحاد من حالة العجز والاعاقه الدائمه الى الفعل التدميري للبلد …وحسبنا الله ونعم الوكيل فيك يا اتحاد السجم والرماد