جعفر عباس

حول «السقافة» والسطحية (2)

استنادًا إلى حصيلة استطلاعات للرأي جرت في عدد من البلدان العربية الشقيقة أي التي تعاني من الشقيقة السياسية، فإن نسبة عالية من المواطنين العرب مسطحون وسطحيون، ولهذا هناك من قال إن جمال عبدالناصر لاعب في خط الهجوم في نادي الزمالك، يعني ما زال حيا، وبعد أن قرأت خلاصة استطلاعات الرأي تلك، لم أعد أضحك كلما تذكرت حكاية الطفل السوداني في أحد رياض الأطفال في دولة خليجية، الذي طلبت منه المعلمة أن يؤدي النشيد الوطني لبلاده وكانت المفاجأة التي أسعدته أن جميع الأطفال من حوله كانوا يحفظون النشيد: كده كده يا التريللا، سايقها قندرانو، وما لم يكن يعرفه ذلك الطفل هو أن كبار السن من العرب يحسبون أن النشيد الوطني لبلاده هو: المامبو السوداني.. مامبو، وأن كسلا مدينة سودانية لا يقوم أهلها بأي عمل أي أنهم يحترفون النوم. (علما بأن كسلا من أكثر مدن السودان إنتاجا لأجود المحاصيل والفاكهة).
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإنني أعجب لاعتقاد سائد في دول الخليج بأن السودانيين قوم كسولون، ولهم في ذلك نكات عجيبة، ومن أقدمها أن السوداني جلس على كرسي الحلاقة منكس الرأس فسأله الحلاق إذا ما كان يريد قص شعر الرأس أم اللحية فأجاب بأنه يريد قص اللحية فطلب من الحلاق أن يرفع رأسه قليلاً وهنا قال الزول: بلاش، احلق الرأس. وهناك ذاك الزول الذي كان مستلقيا على فراشه عندما سمع نقرا شديدًا على الباب فاستفسر عن هوية الطارق من دون أن يغادر فراشه فجاء الرد: أنا فاطمة زوجتك، هنا وقع الرجل في حيص بيص، إذ إن مغادرة الفراش كان أمرًا عسيرًا وأخيرًا اهتدى إلى حل ثوري: «روحي أنت طالق». ولا أستطيع الزعم بأن السودانيين أهل نشاط وعمل، ولكن أن يأتي اتهامهم بالكسل من الإخوة العرب فهذه تو ماتش، TOO MUCH وبالمصري، كبيرة وواسعة قوي.
يعني ما شاء الله العرب أهل همة ونشاط ومن فرط حبهم لبذل الجهد والعرق فإنهم لا يكتفون بالسجائر العادية بل يجعلون بينهم والتبغ المحروق مسافة يجوز فيها قصر الصلاة ويشفطونه عبر بركة ماء راكد ثم خرطوم مزركش ثم يبصقون الدخان في ترفع وكبرياء ويسمون ذلك «التشييش» وهي من الفعل «شيش». وقد نشرت الزميلة «الشرق الأوسط» تقريرًا يقول إنه بعد حظر الشيشة في أبو ظبي في ابتكرت المقاهي نظام التسليم في المنازل: ألو معاك حسان حسون أبو حسنية من الخالدية، أرجوك تجيب لي واحد شيشة بنكهة الفراولة.. لحظة من فضلك، عايزة أيه يا أم حسنين؟ لو سمحت أديني شيشة تانية بنكهة التفاح.. قلت إيه يا حسنين؟.. طيب خليهم ثلاثة والثالثة بنكهة الخس، وبعد دقائق يأتيك الرفيق الركن (كلمة رفيق تستخدم في منطقة الخليج للنداء على المواطن الهندي ومن كثرة تداولها حسبت على أول عهدي بالمنطقة أن المنطقة مقبلة على انتفاضة شيوعية أو بعثية).
والإنسان العربي من فرط قوته الجسدية يحرص على قيادة السيارة برجل واحدة ويرفع رجله اليسرى على المقعد بالطريقة التي يجلس بها على كرسي مكتبه، وهو يتسامر مع الأصدقاء حول نتائج مباريات كرة القدم وتصفيات الكنكان الليلة الماضية، وفي مباريات كرة القدم يتساقط اللاعبون كأوراق الخريف بعد نصف ساعة من بداية المباراة ويتنرفزون إذا لم يحتسب الحكم ضربة جزاء لصالحهم إذا دخلت حشرة في أذن أحدهم وهو في منتصف الملعب، ويتهمون الحكم بالخيانة الزوجية وتهريب الفلاشا. وما يؤكد عروبة السودان أن كل ما قلته أعلاه فيهم أيضًا وإن كانوا يتفوقون على بقية العرب بشغفهم بالجدل السياسي وباتخاذهم الحوار السياسي ذريعة لتأجيل إصلاح الحال إلى الأبد، بذريعة: ما لنا نحن وأجيال المستقبل حتى نشيل همهم؟ ماذا قدمت أجيال المستقبل لنا وللوطن؟

jafabbas19@gmail.com

تعليق واحد

  1. ياخال نريد منك مواضيع اكبر وحاجة تكون متحضرة تفيد الشباب يعني افكار لبناء اعلامي او تعليم او مشروع ثقافي ليرتشهد بة الجيل الجديد بس بشرط ان لايكون بة همز ات وغمزات لاي تجربة اي لا تدخل اي سخرية بالموضوع لان مثل هذه المواضيع المقدمة مثل المقال اعلاه لا يقدم وليس له منفعة فقط تعرفت من خلالة علي اسم بنت خالي التي لا اعرف عنها اي حاجة بس الحين عرف علي الاقل اسمها ،