الولاة .. هل أضعفوا نتيجة الإنتخابات ؟
ذهب كثيرو55wolaaن للمقارنة بين الانتخابات التي طويت صفحتها الأيام الفائتة ونظيرتها في العام 2010م، ووصفوا الأخيرة بالساخنة، خاصة أنها العملية الانتخابية التي نافست فيها الحركة الشعبية، وكان فيها حق دستوري خاص بالولاة بعكس الانتخابات الأخيرة مما أفقدها بعضاً من حيويتها ورونقها، حيث جعل الولاة المشهد السياسي يضج بالحماس والتنافس، مما يجعل السؤال منطقياً.. هل تسبب الولاة في إضعاف النتيجة؟.. وهل كانوا جزءاً من تكاسل البعض للذهاب لصناديق الاقتراع؟.. ودعم الاستحقاق الدستوري ومنحه قوته وفعاليته؟
منذ فترة ليست بالقصيرة ظهر خمول.. بل تكلس في بعض الولايات وتحديداً منذ إعلان رئيس الجمهورية بعدم تقيده بقائمة الخمسة الشهيرة من كل ولاية لاختيار الوالي من بينها، بعد أن بات القرار بيد الرئيس وحده. وقللت تلك الخطوة الحماسة في نفوس الولاة، وكان نتاج ذلك تباعد الشُقة بين المؤتمر الوطني بالمركز والولايات، وإلقاء عبء إضافي على رئيس الحزب الحاكم، رئيس الجمهورية، تسرب الملل إلى نفوس بعض القيادات وظهر ذلك في العملية الانتخابية، حيث تصدى البشير لحملته لوحده إلى حد كبير، وكانت الحشود التي خرجت بالولايات دعماً للرئيس أكثر من دعم ومناصرة الحزب رغم أن نائب رئيس المؤتمر الوطني إبراهيم غندور حاول جاهداً لتنبيه الجميع للتفريق بين حملة الرئيس الانتخابية وحملة الحزب ومرشحيه.
إضافة إلى أن عدداً من الولاة استنفدوا طاقتهم في الصراعات الداخلية بولاياتهم بعضها جراء الترشيحات للمجلس الوطني وقوائم النسبية والمرأة، وسعى بعضهم جاهداً في التخلص من خصومه بالدفع به للبرلمان للحيلولة بينه ومنصب الوالي مستقبلاً، فالملاحظ أن عدداً من القيادات بقائمة الخمسة تم ترشيحهم للبرلمان مثل أحمد كرمنو «النيل الأزرق»، فضل المولي الهجا «سنار»، أحمد المصطفى «سنار»، صديق الشيخ «الخرطوم»، الهادي محمد علي «نهر النيل» وآخرين.. وحتى إن كانت تلك الترشيحات رغبة المركز، فإن مجالس الولايات تنظر بعين الريبة للولاة كونهم جزءاً من سيناريو إبعاد القيادات المنافسة.
علاوة على أن الولاة انشغلوا بالمرشحين المستقلين وبعضهم أصابهم الرهق جراء متابعة ذلك الملف، بل إن بعض المستقلين وهم من أبناء الحزب الحاكم ذهبوا في اتجاه الترشح مستقلين لسوء العلاقة بالوالي، بل أحدهم في النيل الأبيض قال إنه ترشح مستقلاً نكاية في والي الولاية وبالفعل ضحك أخيراً حيث فاز وعن جدارة.
والولاة لم يديروا ملف المستقلين بشكل يحفظ للحزب هيبته مما اضطر المركز لتشكيل لجنة اتحادية أسندت للنائب الأول السابق علي عثمان محمد طه، واضطرت قيادة الحزب وبتوجيه من الرئيس البشير بتدخل قيادات من الصف الأول في الأمر كان أبرزها إطفاء نائب الرئيس، أمين القطاع الاقتصادي حسبو محمد عبد الرحمن لنيران الخلافات في بعض الولايات قبيل فترة منها ولاية الجزيرة التي شهدت حالة من الارتباك في الانتخابات بأخطاء فادحة من المفوضية وأخرى داخل المؤتمر الوطني نفسه.
ومن تأثيرات دور الولاة في الانتخابات، تنازعهم بين تفعيل المشروعات التنموية وتدشينها وبين تأجيلها تحاشياً من اتهامهم بمحاولة اللعب في الزمن الضائع، ويستثنى من هذا الأمر والي الخرطوم الذي واصل عمله بكل همة وقطع شوطاً في عدد كبير من مشروعات الولاية آخرها النقل النهري، الكباري الطائرة، المستشفيات والمراكز الصحية.
وأيضاً تأثر الولاة بصراعات قديمة بالولاية أثرت سلباً على إدارتهم للعملية الانتخابية، مثلما حدث في البحر الأحمر وصراع الوالي محمد طاهر إيلا مع القيادي محمد طاهر «البلدوزر».
كذلك مما ساهم في ضعف نتيجة الانتخابات بسبب الولاة، ترشح قيادات من الولايات ضمن القائمة النسبية مما قلل حماسهم بالانتخابات وعزوفهم عن مساعدة الولاة في العملية، يضاف لذلك اعتماد الولاة على أسماء ليست ذات ثقل في إنجاح العملية مثلما حدث في غرب كردفان، وهنا حري ذكر تعامل والي نهر النيل وبذكاء مع العملية بولايته، حيث استعان بمعتمد الدامر الأسبق عمار باشري الذي أدار الحملة في محلية الدامر وتضم دائرتين قوميتين إحداهما فاز فيها الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن «الدامر الغربية»، بينما كابر ولاة آخرون ورفضوا دعم موقف الولاية بأبنائها بالمركز.
ومهما يكن من أمر فإن نتيجة الانتخابات كشفت موقف الولاة وقد يكون لذلك درجات في تقييمهم للمرحلة المقبلة، التي سيكون من أهم ملامحها تسمية الولاة ومغادرة عدد مقدر منهم لكراسي الحكم.
اخر لحظة