فدوى موسى

عبدو والمرأة العاملة


جدلية الرجل والمرأة أنها سترتد إلى تصفية حسابات ما بين الحالة في البيوت إلى ساحات العمل والشأن العام. «عبدو» الذي اسعفته الظروف بإيجاد عمل في مؤسسة استثمار أجبني ناحجة.. وجد أن العطاء حسب العمل والجهد للعاملين دون تفرقة بسبب النوع.. رجل أو امرأة .. أرتجل أفكار بائسة للتمييز ما بينهما وحجب بعض الحقوق منهن لمصلحة توفير الأموال للمسثتمر الذي أعجب بطريقة عبدو التي ستعود عليه بزيادة في الأرباح.. دخل «عبدو» على المدير الأجنبي بأن المرأة مشكلة في العمل.. زواج.. حمل ولادة.. رضاعة.. وكم كبير من الإجازات والاستئذانات، وأقنعه بأن يحرمهن من بعض الميزات.. و هن يتأهبن لشهر رمضان، أقنعه ألا ضرورة لمنحة الشهر بالنسبة للنساء، فمعظمهن متزوجات وأزواجهن في مواقع العمل الأخرى يمنحون ميزات الشهر، ودعا لجمع معلومات عن أزواجهن ورواتبهم حتى يستطيع حجب ما يتميز به هؤلاء في مواقع عملهم الأخرى على العاملات بالمؤسسة معه..

٭ وأبرز «عبدو» قدرة فائقة في الأمر، مما حدى بالمدير الأجنبي أن يتحجج على العاملات قائلاً: «هو الوضع كدا الما عاجبو مليون شخص محتاج لموقع عملكن هذا وبمرتب زهيد»، ما أغرب هذا «العبدو» الذي يبني مصلحته على حساب مصلحة عامة.. أليس الأجدى أن تستمتع النسوة بحقوق عمل يقمن به أسوة مع شقائقهن «الرجال»، عيب يا عبدو. خلي عندك نظرك.. ما يتحول من أموال إلى بند تحفيزك وتقديمك على حساب «المسكينات» يعد ضرباً من ضروب الأنانية، كثير منهن يقمن بدور الرجال في التزامهن تجاه أهلهن وجماعتهن.

٭ قرعة في وش الموية!:

كثيراً ما يكون الإتجاه غرباً في طريق الشرق وموجات الحياة قد تغبش مسار الفرد منا بحيث لا يعرف في أي إتجاه يضبط إيقاعه، قد تكون في ما نعتقده صحيحاً سائرون ونحن نظلم ونتعدى على البعض.. دون خاطر واعي، أو فى سكرة إنتشاء كاذبة مردها استعراض قوة أو امتلاك بعض بحبوحة سطوة.. والقرعة في وش الموجة هي احتمال في كل الاتجاهات وكل المرامي، ولكن دائماً هناك حد وسقف.. والأدهى قد يكون أول من نظلم أنفسنا دون أن ننتبه.. وأشكال الظلم كثيرة ومتعددة جداً.. تبدأ من حالات تفضيل النفس على الأخرين دون مبرر، والقفز في علو كعب شأن جماعي لمجرد وجود القلم أياً كان لونه بأيدينا. لأن أهلنا عندما قالوا «البيدو القلم ما بكتب نفسو شقي» كان دافعهم لذلك القول الاستنكار الضمني لاستغلال سلطته لحساب الذات.. ذات الاستهجان للانانية على حساب الآخر.. ولأن طفح مثل تلك الأفكار والممارسات تسوق صاحبها كما يسوق سطح الماء القرعة الخفيفة في عشوائية الحركة، فإنه من الأفضل أن نمارس العدل بدءاً معها وبها ومنها وإليها، لنكن أصحاب نفوس منكرة لذاتها على حساب المصالح الجماعية ونتنازل للآخر.

٭ آخر الكلام: أفضل ما يمكن أن يقدم المرء لنفسه وللآخرين هو أن يكون منصفاً دون أن يكون محابياً لجنس معين، أو ليكسب حقاً له دون الآخرين.. مبروك للذين يحجمون أنفسهم عن الانقياد مع حركة الماء ولا يصبحون قرعة أو قشة في وجه الماء.. «أها ركز ياعبدو.. وأعرف ماذا سيكون تصرف مديرك الأجنبي إن كنت أنت بطرف بلادة واستثمارها».