الدولي
في فيلم The International) الدولي) يبدو الواقع واضحا وشفافا للدرجة التي تمحو عن السينما سينمائيتها التخيلية وتدمج جماليتها وفنيتها العالية في رعب وعبث الحياة التي نحياها كبشر على كوكب الأرض، تتحكم في مصائرنا جهات ومؤسسات وشخصيات مهووسة بالثراء وجني الأرباح المتراكمة ولو تم ذلك على أشلاء أجسادنا المنتهكة بطول مساحات هذا العالم. الفيلم يتناول في دراما بوليسية لا تخلو من الإثارة والمطاردات والأكشن ظاهرة تمويل الإرهاب وغسل الأموال وإدارة الحروب بين الدول الفقيرة وتنفيذ الانقلابات العسكرية داخل قارة أفريقيا، وذلك بالتركيز على نشاط أحد أكبر البنوك في العالم )البنك الدولي للتجارة والائتمان(؛ الذي يمول أغلب الأعمال القذرة التي تدار في هذا العالم البائس والتي يكون ضحاياها في النهاية هم الأبرياء والمسالمون فقط.
ودون الخوض في تفاصيل الفيلم وسرد قصته (المثيرة) يمكن القول إنه وبقدرات إخراجية عالية وأداء متميز ومتفرد لأبطاله، ولغة حوار أدبية – فلسفية؛ يفسر الكيفية التي تدار بها الحروب في مناطق العالم (المتخلفة) وكثرة الانقلابات العسكرية التي تشهدها قارة مثل أفريقيا وحوادث الاغتيال المريبة والغريبة التي تطال شخصيات يبدو أن الجميع مجمع على نزاهتها؛ فالحروب التي تقودها الميليشيات المسلحة التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها تولد مكتملة العدة والعتاد ولها القدرة على الاستمرار في ميدان الحروب لسنوات طويلة الأمد، قد تجد لها تفسيرا في الصفقات التمويلية لهذا (البنك الدولي)؛ الذي يرمز بلا شك لبنوك وشركات أخرى مسيطرة على هذا العالم تديره بهذه الطرق المهلكة.
في أحد مشاهد الفيلم يشرح مندوب البنك في تنفيذ عمليات الاغتيال لضابط شرطة الجرائم الدولية طريقة تمويل الانقلابيين في أفريقيا والمنظمات الإرهابية المنتشرة تخريبا وتدميرا في هذا العالم، ويوضح له أن الديون في حد ذاتها لا تمثل هدفا للبنك بقدر ما يكون التركيز على الفوائد التي تتراكم عبر السنوات، وهو ما يفسر بدوره صعود حكومات انقلابية مدمرة وفاسدة ليس لقادتها أدنى دراية بأساليب إدارة وحكم الدول والشعوب، مما قاد نهاية إلى إفقار هذه الشعوب وثراء قادتها الكذبة وتراكم وتضخم الأرباح (الفوائد) في خزائن البنك وما شابهه من مؤسسات تمويل دولية.
فيلم (الدولي) من إخراج توم تيكور وبطولة كلايف أوين وعدد كبير من الممثلين المبدعين.