منصور الصويم

سوبرمان.. بيرد مان.. وباتمان

سوبرمان، أو الإنسان الخارق “المكتمل”، سلسلة أفلام آكشن هوليودية، من الواضح أنها تعكس صورة سينمائية لرؤية الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشة، التي يشير ويبشر فيها بحضور أو ظهور الإنسان الأعلى أو السوبرمان، وهي رؤية فلسفية سادت وشاعت في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مستندة في تبريرها الأولى – على ما حققه الإنسان من فتوحات علمية، وعلى ما قدمته نظرية التطور من تفسيرات أحيائية بدا وكأنها أزالت الكثير من الغموض حول أصل الأشياء ومصيرها، وبالتالي سيرورة الإنسان وصيرورته.. سوبر مان – الفيلم، يبدو وليد هذه الفكرة ولو على مستوى الخارق وفكرة الاكتمال والتبشير بسيادة الإنسان الحديث على نفسه وعالمه والكون من بعد، كل ذلك وإن انحصر العمل الدرامي بين فكي المعادلة الهوليوودية الشهيرة (صراع الخير والشر)، وانتصار الخير (الرأسمالي – مفهوم دولة واقتصاد) في النهاية.

سلسلة أفلام باتمان، التي تدور من حيث الفكرة في ذات الإطار (الخير والشر، وانتصار الخير)؛ تبدو وكأنها النقيض للفلسفة النيتشوية التي انبثق عنها مسمى وفكرة أفلام سوبرمان، فبعكس المعنى المحمل بالاكتمال والثقة في قدرات الإنسان وسموه إلى مستوى يقترب من المقدس في الميثولوجيا الدينية؛ اعتمد منتجو الفيلم صورة ظلامية لبطله، فالوطواط في الثقافة الغربية وفي كثير من الثقافات الأخرى يرمز إلى قوى الظلام وإلى الشر ومص الدماء وإلى الرطوبة واللزوجة والأجواء المرعبة، والاختيار بهذه الصورة يبدو وكأنها رد عملي على سقوط فكرة الإنسان المكتمل، القادر، الخير، المسيطر على مصيره ومصير الأشياء من حوله.. فالإنقاذ لا يأتي من الكمال ولكن من عمق النقصان أو الشر الكامن داخل الظلام!

في فيلم بيرد مان، الحائز على جائزة الأوسكار هذا العام؛ يتم توجيه نقد عنيف ضد كل أفلام الخوارق البشرية، بما فيها سوبر مان وباتمان. فأحداث الفيلم ما هي إلا سخرية لاذعة من فكرة (الخير والشر) الهوليوودية ومن فلسفة الإنسان الكامل سواء جاء من أعلى أو نبت من الظلام، وإلى جانب ذلك فالفيلم عبارة عن تعرية صريحة لهوليود وتبعيتها – الرأسمالية الأمريكية الوهمية، كما يقدم دعوة واقعية للجميع بأن يتقبلوا حياتهم ويتصالحوا معها كما هي، دون تزييف، وبكل انكساراتها وآلامها، ومن غير أوهام إنقاذ يجود بها بطل خارق ينبثق فجأة ليهبنا السعادة – الخير ونظل نحن مبهورين وفرحين نصفق له.

بعض الأفلام تنتهي نهايات لا هوليوودية، لكنها جميلة.