سيدي معالي الرئيس.. هذا يوم استغفار
لما كانت النخب السياسية بين يدي العملية الانتخابية تتقاطع بين حملتي (انتخب وقاطع)، كتبت يومها، وأكتب الآن، وسأكتب غدا بإذنه تعالى، أن الانتخابات السيئة خير ألف مرة من الحرب الجيدة، وأنا بذلك أعيد إنتاج جملة أثيرة لمثقف جنوبي أطلقها بين يدي صناعة اتفاقية سلام نيفاشا، تقول “السلام السيئ خير من الحرب الجيدة” !! والشيء بالشيء يذكر، وقراءة أخرى لجنوبي عبقري آخر أطلقها بين يدي الانفصال، قال “إن الشمال لنا بمثابة ورق الفلبين الذى يوضع بين ألواح الزجاج” متى ما سحب هذا الفلين، الذي هو نحن الشماليون، سيتطاقش لا محالة الزجاج، وكنا يومئذ راضون أن نقوم مقام الفلين غير أن الفلين، أو قل، غير أن المناضل الكبير فاقان أموم ورفاقه قد اختاروا الانفصال، وكان ظنهم أن القصة برمتها لم تكن سوى علم يشهر وسلام جمهوري يعزف، ثم التحرك مباشرة للانتقام من الدولة السودانية الأم، التي لا ذنب لها سوى أن منحتهم (دولة مدورة) !! وذلك لصناعة سودان كبير حديث على أنقاض السودان القديم.. ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، وقديما قال شيخ العرب طه “الكايس الغنى يعمل حساب لي فقرو” !! وتلك قصة أخرى و.. و..
* فاليوم سيدي معالي الرئيس المنتخب، يوم حمد وشكر والسودان يتخطى ألغام الزجاج ليعبر مرحلة هى غاية في التعقيد والارتباك، على أن صندوق الانتخاب على علل تحفظات البعض، يظل هو أفضل ألف مرة من الاحتكام إلى صناديق الزخيرة، على أن ينظر في عملية تطوير وتصويب التجربة الديمقراطية، لأن البديل – يا رعاكم الله – هو أن تكون الخرطوم جوبا أخري أو دمشق ثانية أو عدن جديدة، فنحتاج، والحال هذه، إلى نخب وطنية متجردة تتشكل من كل الكيانات والمدارس الفكرية لتعمل فى المرحلة القادمة على زيادة وتمتبن مساحة رقعة السلام، وتمكين أواصر التعايش وتقوية تماسك النسيج الاجتماعي، وذلك خصما على مساحة (الأرض المحروقة) التي يعمل لها الآخرون الذين لا يريدون لهذا الوطن أمنا ولا استقرارا وتقدما وتماسكا و.. و..
* ونتعشم أيضا، سيدي الرئيس، في أن يتواضع المنتصرون في المرتمر الوطني، وليدخلوا البرلمان اليوم مطأطئ الرؤوس أسوة بالحببب المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يدخل مكة فاتحا، هي أيضا لحظات استغفار كما رسخت لهذا المعنى القيمي سورة النصر “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا” في قمة لحظات الانتصار يرسخ القرآن الكريم إلى أدب التواضع والاستغفار، ويمكن أن يجسد هذا التواضع في استيعاب الآخرين والعمل على الإيفاء بمطلوبات جمهور المنتخبين التي تتمثل في الحياة الكريمة.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
(صحيفة اليوم التالي)